اخبار هامة

    "محمد زين العودي" ثائر ومعلم وشاعر

    "محمد زين العودي" ثائر ومعلم وشاعر

    اب بوست-خاص

    محمد زبن العودي، ثائر ومعلم وأديب وشاعر، سكن الوطن قلبه وروحه وقلمه وحرفه وسكنته إب الخضراء المدينة والمحافظة فسكنها حباً وعلماً ونضالاً وشعرا.

     

    أفنى العمر لها وللوطن الكبير رافضاً للظلم والامامة والاستبداد قولاً وفعلا، والذي نال منها نضالا وشعرا وموقفاً ووعياً وطنياً وقوميا عربيا فنالت منه بسجونها وقيودها هو وكثير من رفاقه الاحرار إلا أن ذلك لم يثنيه عن نضال الوعي الثوري ودور الكلمة في سبيل الحرية والكرامة وإسقاط الكهنوت المستبد.  

     

    كما كان له دور كبير في نهضة التعليم وتربية الأجيال بمحافظة إب وظل كذلك على درب الحرية والوطنية مكرساً وقته وجهده وسنوات عمره للدور التنويري العلمي المعرفي لمجتمعه ونضالاً عظيماً خالداً في رسالة الاعلام والثقافة والأدب خدمة لمحافظته ووطنه وأمته.

     

     

    من هو الشاعر محمد زين العودي

     

    محمد زين العودي من مواليد إب 1932م التحق بالمعلامة وعمره خمس سنوات وحفظ القران الكريم فيها خلال سنة واحده، التحق بعد ذلك بالكتاب او الكتبة لمدة أربع سنوات ومن ثم التحق بمدرسة المعاين وقرأ فيها المتون ثم التحق بالمدرسة العلمية وكان كل ذلك في ظل عهد الإمامة البائدة.

     

    العودي المعلم التربوي
     

    كان للأستاذ والتربوي الراحل محمد زين العودي دورا كبيرا جدا في نهضة التعليم وتأسيس المدارس بمحافظة إب حيث كان من أوائل المدرسين بمدينة إب حيث عمل مدرسا فيها قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وأسهم اسهاما كبيرا وفاعلا في تأسيس عدد من المدارس قبل وبعد الثورة المباركة.

     

    عمل "العودي" مدرسا في مدرسة العرفان ومدرسة النجاح بمدينة تعز لمدة عام وذلك بعد أن تم حبسه سبعة أشهر في أحد سجون الامام أحمد هو والمناضل الربادي قبل الثورة، وعاد لمدينة إب وأسس مدرسة جرافة وأدارها ودرس فيها ثم دمجها مع مدرسة الثورة تحت اسم مدرسة الوحدة حاليا وبقي مديراً ومدرسا فيها إلى أن اكتملت بمراحلها الدراسية الثلاث.

     

    الشاعر الثائر
     

    يعد الشاعر محمد زين العودي من طلائع الأحرار بالمحافظة ومناهضي الحكم الامامي الغاشم هو وكثير من الشخصيات الوطنية والثورية من أبناء محافظة إب وكان مناهضا لظلم الامام وحكمه الجائر، بعلمه وقلمه وشعره وحضوره الاجتماعي والتربوي بمدينة إب وعانى في سبيل ذلك الكثير هو ورفاقه من بينها السجن لمدة سبعة أشهر.

     

    في العام 1958م قاد أول تظاهرة شعبية ضد الإمام في مدينة إب، كما كان من قادة الحركة الوطنية عام 1959م، ولقد كان نضال العودي صادقا للثورة وأهدافها فلم يكن باحثا عن منصب او مركز مرموق ولم تكن المصالح الشخصية وجمع المال هدفه ومبتغاه فقد أخلص للثورة ولم يؤمن بجمع الثروة وعشق الحرية فبذل الحب والتضحية لمجتمعه ووطنه في سبيل الحرية والجمهورية.

     

    كان يرفض أي قرارات وتوجهات كانت تضر بمصالح أبناء محافظته، وبسبب ذلك تم سجنه هو والشيخ عبدالعزيز الحبيشي وفضل الارياني وأحمد الساده ومحمد علي قعطبة وأحمد نعمان البعداني ومحمد علي طه النزيلي في سجن القلعة بصنعاء بعهد الرئيس الحمدي بعد اعتراضهم على بناء بنك في موقع مدرسة الشعب حالياً.

     

    العمل الإداري والنقابي والمجتمعي
     

    إضافة إلى عمله الثوري والتربوي فقد تقلد العودي عدد من المناصب الادارية وكان له اسهامات وحضور في تأسيس نوادي رياضية ومنتديات ثقافية فقد عمل مندوبا عن لجنة التصحيح بمحافظة إب وتقلد منصب مدير عام لمكتب الثقافة من العام 1976م حتى عام 1979م، ومديرا لمكتب الاعلام بالمحافظة من العام 1987م حتى عام 1990م حين أحيل للتقاعد حينها.

     

    كما عمل في العام 1983م رئيساً للمجلس البلدي بمحافظة إب كما يعد العودي من مؤسسي أول تجمع رياضي وشبابي بمحافظة إب قبل الثورة وكان رئيسا في بداية التسعينات لصحيفة اللواء الاخضر التي أصدرها وترأسها وتوقفت بعد ستة إصدارات بسبب إن فيها مقالات تتضمن نقدا لاذعاً لبعض المسؤولين أضف إلى ذلك عضويته في نقابة الصحفيين اليمنيين وعضو اتحاد الادباء والكتاب العرب في العام 1978م  كما تقلد في فترة من الفترات منصب نائب رئيس فرع اتحاد الادباء بمحافظة إب، كما كان له دور كبير في تأسيس منتدي إب الاول "منتدي الاشعاع الادبي الثقافي" وكان نائبا للمنتدى.

     

    العودي وتأريخ ونضال الكلمة
     

    كان الاستاذ والشاعر محمد زين العودي حاضر بقلمه وقصيدة الشعر في كل مجالات الحياة.. الوطن والحب والحياة والسياسة والاقتصاد والنضال ورفض الفساد والظلم فهو الذي يقول:

     

    أمدد يديك وداوها واعدلها 

     

     وجهاً ففيها قبرها محفورُ

     

    وهي التي ضحت بأبنائها

     

     من أجل أن يبقي لنا الدستورُ

     

    لكنها كالعيس في حرمانها

     

     من مائها والرعي وهو كثيرُ

     

    حيث ينقل العودي بأبياته الحالة المأساوية التي تعيشها معظم مناطق محافظته وكيف تنكر لها الحاكم رغم التضحيات التي قُدمت والتي تستحق بموجبها كل الرعاية والاهتمام لكنها مناطق محرومة من أبسط الحقوق كالخدمات الصحية والتعليمية والطرق والمياه.
     

    لقد كان الشاعر والاديب العودي ناقدا للفساد وتدني الخدمات فهاهو يستعرض الوضع الاقتصادي المتدهور كانهيار العملة المحلية نتيجة انتشار الفساد واستمرار المفسدين في نهب موارد البلاد فيقول:

     

     

    "وريال اليوم كالورقة

     

     

    والورق البيض لها نفقة

     

     

    لكتابة حكم أو صدقة

     

     

    أو رد سؤال أو وصفه"

     

     

    وهو نفسه الذي يطالب من الحاكم فيقول:

     

     

    "حطم أيادي طوالاً طالما عبثت

     

     

    بمال شعب وديع صابر عانا

     

     

    وقص أجنحة الاطماع كم فتحت

     

     

    أفواهها كتضاريس وخلجانا

     

     

    لتبلع الكل مماقد تجود به

     

     

    كنوز ارضي من نفط ومرجانا"

     

     

    كما كان له من ضمن أعماله الشعرية القصائد الغنائية الانشادية الوطنية التي لُحنت وغنت من ضمنها نشيد الوحدة كتبها في العام 1968م والتي يقول فيها:

     

     

    انطلق المارد وتحرر

     

     

    في ستة وعشرين سبتمبر

     

     

    واباد الطغيان الاكبر

     

     

    ردد واهتف الله أكبر

     

     

    انا مصري وسوري ولبناني

     

     

    وعراقي ويمني وسوداني

     

     

    في جزيرتنا الحرم الاكبر

     

     

    ردد واهتف الله أكبر

     

     

    أنا قطري وليبي وعُماني

     

     

    وجزائري كويتي عمّاني

     

     

    وفلسطين من وطني الاكبر

     

     

    ردد واهتف الله أكبر

     

     

    لاسد ولاحد يفصلنا

     

     

    الا المستعمر فرقنا

     

     

    علشان يرضي الطمع الاكبر

     

     

    ردد واهتف الله أكبر

     

     

    مبدأنا ومصيرنا واحد

     

     

    والرب والدين والدم واحد

     

     

    ولغتنا والوطن الأكبر

     

     

    ردد واهتف الله اكبر


     

    رحيل المنسيين
     

     

    لقد عاش الاستاذ محمد زين العودي عصامياً بسيطاً رغم نضاله ودوره الجمهوري والتنويري للأجيال وعظيم ما صدح بشعره في فعاليات ومحافل كثيرة للوطن والثورة والجمهورية والعدل والمساواة إلا أنه عاش ظروفا معيشية صعبة وخصوصا في سنوات عمره الأخيرة فها هو يصف مدى المعاناة التي يعيشها هو ورفاق دربه ممن ناضلوا وضحوا حتى قامت ثورة ٢٦ سبتمبر كي ينعموا وتنعم الاجيال بالعدل والمساواة بين أبناء الشعب اذ بهم يكافؤون بالحرمان من أبسط حقوقهم في شيخوختهم وقد جووزا بغير ما يستحقون فيقول:


     

     

    "يحسدون الذي توفي بحرب

     

     

    أو بسُمِ او صدفة العشواء

     

     

    الحصان الذي يشيب يُجازي

     

     

    برصاصة يرتاح بعد الشقاء"

     

     

    وهو نفسه يناشد الموت فيقول:

     

     

    "فياموت اقبل لإنقاذنا فقد أصبح العيش صعبا ومرا

     

     

    وهاهي افواهنا اُلجمت ومكتوب اقلامنا ليس يقرا"

     

     

    موضحاً بذلك ما أصبح عليه الوضع من استبداد فكري وكذلك صعوبة العيش والضرر الذي يحيط بالمجتمع؛ ليرحل الاستاذ المربي والشاعر السبتمبري محمد زين العودي عن الدنيا يوم الخميس الموافق 30 من نوفمبر 2012م في مسقط رأسه بمدينة إب مخلفاً ثلاثة من الذكور وخمس من الاناث وبيت شعبي متواضع ضمن غرفها غرفته ومكتبته ومؤلفاته التي لم تطبع حتى الآن حيث.

     

     

    ومن أهم أعماله ومؤلفاته ديوان شعري بالشعر الفصيح تحت عنوان (تراتيل في محراب الحرف) والذي تم اصداره بعد وفاته بأسابيع، و(مختصر النحو) و(تأريخ ما أهمله التأريخ) ومازال كلاهما مخطوطان بالإضافة إلى مسرحية (قوافل البر) والتي تحكي ملحمة صراع الشعب مع الحاكم والتي مازالت بخط يده ولم تطبع حتى اللحظة.
     

    قد يعجبك ايضا!