اب بوست-خاص
كثفت مليشيا الحوثي، في مناطق سيطرتها من افتتاح ونشر المراكز الصيفية الطائفية، التي تعمل على استقطاب طلاب المدارس، وغسل أدمغتهم بالفكر الطائفي الإيراني، مقابل حملاتها المتواصلة لإغلاق المراكز التعليمية الأخرى، لا سيما مراكز محو الأمية.
لم يقتصر استغلال مليشيا الحوثي للمؤسسات التربوية والتعليمية والمساجد ودور القرآن؛ بل تجاوزت ذلك لتستخدم المراكز الصيفية في التعبئة والتحريض والتحشيد، واستغلالها للتعبئة بأفكار طائفية سلالية تتناقض مع دستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة في البلاد، وتتنافى مع الهوية الوطنية والدينية.
تستهدف مليشيا الحوثي، طلاب المدارس، ذكوراً وإناثاُ لاستقطابهم إلى المراكز الصيفية، وتركز على طلاب المراحل الأساسية والإعدادية، وسط مخاوف من تحويل هؤلاء إلى قنابل موقوتة في المجتمع؛ نتيجة الأفكار والسلوكيات التي يكتسبها الأطفال من التعبئة الطائفية الحوثية المشحونة.
لعل هذا التفخيخ للمستقبل، هو ما يريده "الحوثي" والأجندة الإيرانية في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، وهو ما جعل المليشيا تسارع في وتيرة هذه الدورات، والتحضير المبكر لها، من خلال الاستهداف الممنهج للأطفال والطلاب وتجنيدهم، وقبل كل شيء غسل أدمغتهم بما يتوافق مع أهدافها الطائفية والتدميرية.
برامج طائفية مكثفة
وحذر خبراء ومراقبون من مغبة هذه الدورات الصيفية، التي تستهدف آلاف الأطفال ببرنامج طائفي مكثف ومتواصل لما يقارب 4 أشهر، من خلال خطة حوثية أعدتها لإطلاق المراكز الصيفية في مناطق سيطرتها، حيث جرى تحديد أسماء المدارس والأحياء المخصصة كمراكز صيفية حوثية وأسماء المشرفين عليها والمكلفين بتلقين الطلبة البرنامج الطائفي، مع أرقام هواتفهم وهؤلاء عناصر عقديين يحمل غالبيتهم ألقاباً سلالية.
وأمس السبت دشنت المليشيا مراكزها الصيفية في مختلف المحافظات ومنها محافظة إب، التي استنفرت المليشيا قوتها لحشد الأطفال للتسجيل في هذه المراكز التي تواجه ممانعة مجتمعية كبيرة، ووعي من الأسر بمخاطر هذه الدورات، كونها تعمل على تخريج مقاتلين في صفوف المليشيا، بعد محاولة غسل أدمغتهم في الفكر الطائفي المتطرف في هذه المراكز.
وتكشف التحضيرات الواسعة للمراكز الصيفية مدى الأهمية التي توليها المليشيا لهذه المراكز، التي تعدها وفق مراقبون فقاسة للمقاتلين المستعدين للموت في سبيل الجماعة نتيجة التعبئة المكثفة التي يتعرضون لها طلية أشهر، وهو الأمر الذي تركز مليشيات الحوثية عليه خلال هذا العام بصورة متزايدة مقارنة بأعوام مضت.
ويشير مراقبون الى أن المليشيا تشعر بالحاجة لتعويض الخسائر التي تجشمتها في معارك مأرب طيلة الفترة الماضية، وتعتبر المراكز الصيفية فرصة لاتعوض لبناء جنود عقائديين جدد كوقود لحروب الجماعة ضد اليمنيين، حيث يخضع الأطفال وطلبة المدارس في هذه المراكز لقوالب متعددة من المادة التعبوية التي تقود في النهاية لغرض واحد وهو "إعداد مقاتلين مخلصين للجماعة".
بث العنف والكراهية
عملت المليشيا عبر ما يسمى بوزارة الشباب والرياضة على إعداد منهج خاص بالمراكز الصيفية هو خلاصة الفكر الطائفي للمليشيا الحوثية، بالإضافة لملازم الصريع حسين الحوثي، الى جانب سلسلة من المحاضرات وجلسات استماع لخطابات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، وخطابات زعماء المليشيات في ايران ولبنان، وعرض أفلام وثائقية تحرض على العنف والكراهية، من حروب التمرد التي قادتها الجماعة ضد الدولة منذ 2004م، وغير ذلك من الزوامل والأهازيج التي تؤدي الغرض نفسه.
وجرى تكليف مشرفيّ المديريات بتولي مهمة حشد الأطفال الى المراكز الصيفية ومشرفين "تربويين" آخرين يشرفون في كل مركز على محتوى المواد التي يلقن بها الأطفال المستهدفين، بينما لجان مخصصة تتشارك مهمة إدارة هذه المراكز مع المكاتب التربوية الخاضعة لسيطرة الجماعة.
ويشير تربويون الى أن الخطورة ايضا من هذه المراكز الصيفية المفرخة طائفيا، تمتد الى مسخ الجانب التربوي لدى الطفل، حيث تعمد المليشيات الحوثية لتعويدهم على تعاطي القات والتدخين والشمة، وما الى ذلك من الممارسات التي تمسخ انسانية الانسان وتحوله الى مدمن ينتظر الحصول على حاجته من هذه الأشياء، ومتلقي سلبي متحفز دائما للموت في سبيل الجماعة بأي وقت.
تحذير حقوقي
وإزاء هذه المخاطر المترتبة على هذه المراكز الصيفية، على جيل النشء والشباب، فقد حذّرت منظمة ميون لحقوق الإنسان من خطورة التحاق الأطفال بالمراكز الصيفية لمليشيا الحوثي الإرهابية في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وأكد المنظمة في بيان لها، أنها وثقت خلال العام الماضي وقوع عمليات تجنيد ممنهجة للأطفال وأنشطة شبه عسكرية وأخرى طائفية، موضحة أنها وثقت كذلك تعرض عدد من الأطفال "لاعتداءات جسدية وجنسية" في تلك المراكز خلال العام الماضي.
وأهابت المنظمة، بالآباء والأمهات الحفاظ على فلذات أكبادهم بعدم التجاوب مع دعوات الالتحاق بتلك المراكز المشبوهة وعدم تسليم أطفالهم فريسة للانتهاكات لاسيما في المراكز المغلقة، وذلك مع تدشين المليشيا عمل مراكزها الطائفية في أمانة العاصمة صنعاء وباقي المحافظات غير المحررة، في محاولة لاستقطاب الأطفال بهدف نشر ثقافتها الدخيلة على الشعب اليمني.
استنفار حوثي ووعي ممجتمعي
وأمام الاستنفار الحوثي لحث الناس لإلحاق أطفالهم بهذه المراكز الصيفية، يبرز الوعي المجتمعي المقاوم والممانع لهذه التحركات الحوثية لتكون حائظ الصد أمام التغول الحوثي، لمعرفتهم التامة بخطورة مشروع الحوثي التدميري التابع لإيران.
يتجلى هذا الوعي من خلال العزوف الكبير من الالتحاق بهذه المراكز التفخيخية، حيث يدرك الكثير من أولياء الأمور العواقب الكارثية من هذه التعبئة الخاطئة، ولا شك أن هذا الوعي بحاجة لمساندة واهتمام من قبل الجهات الرسمية، ووسائل الإعلام للتعريف بمخاطر هذه المراكز، التي تهدد حاضر ومستقبل اليمن، وتعد قنابل وألغام موقوتة، ستكون حجر عثرة أمام أي تقدم أو تنمية لليمن في الوقت الحالي أو في حال تحقق السلام وتخلص اليمن من هذا السرطان الخبيث الذي مزق ودمر اليمن.
وإن الواجب على المجتمع اليوم، وأولياء الأمور بشكل خاص، رجالاً ونساء في جميع الجغرافيا اليمنية، القيام بمهمة مراقبة أطفالهم، ومتابعة ما يتلقونه في المدارس والمجالس وتكثيف التوعية الدينية والوطنية، وتحصينهم من المشروع الحوثي الإيراني الذي يهدف إلى تمزيق الوطن والعقيدة.
وتتضاعف المسئولية على الحكومة في تخصيص برامج ومشاريع هادفة مدروسة لمواجهة هذه المد الحوثي الإيراني، ولاشك بأن سلاح الإعلام الذي يفوق تأثيره أعتى الأسلحة الحديثة له دور بالغ في التوعية والتحصين وإرشاد المجتمع، والتأكيد على ضرورة تكاتف جهود المجتمع للعمل على التوعية الوطنية والدينية، للمحافظة على أطفالنا، ويمننا الذي سيعود سعيدًا كما كان بإذن الله، "وأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".