سلمان المقرمي-متابعات
يحضر الحوثيون بكل قوة لشن غزو جديد على المناطق المحررة، منذ سنوات، وازدادت التحضيرات الإيرانية له منذ تحرير سوريا مطلع ديسمبر الماضي، وتكثفت عوامل محلية عدة له لشن الغزو نتيجة انهيار مجلس الرئاسة أو على الأقل شلله عن الفاعلية واستغراقه في الصراعات الشخصية لتقسيم ما بقي من حطام للدولة بين أعضائه.
قبل أشهر لم يكن أحد يذكر الثورة السورية بعد 14 سنة من سحقها على يد تحالف الروس والحرس الثوري والأسد ومليشيات حزب الله والمليشيات الشيعية بما فيها مليشيا الحوثي، ولكن ما إن بدأت عملية ردع العدوان باسم الثورة السورية حتى التهب أوراها في وجدان الشعب السوري.
حين شنت غرفة ردع العدوان عملها العسكري لم تجد من إطار جامع لها سوى الثورة السورية، ولم يكن مجرد شعار لإنجاز نصر فقط، بل مضامين أيضا تجلت في طريقة السيطرة وطريقة الحكم والأكثر فتح الباب واسعا أمام الشعب السوري لبناء مستقبله.
أمام التحديات المستعصية في اليمن، منذ أكثر من عقد، ليس هناك من أفق لتجاوز التحديات التي تواجه الدولة اليمنية برمتها سوى التأسيس على ثورة فبراير وما أنتجته من أدبيات ومحددات، وبالوقت نفسه تعمل أيضا تلك الأدبيات والاتفاقات والتطورات على حل لمشاكل القوى اليمنية نفسها، شريطة أن تؤمن كل قوة وكل جماعة وحزب وشخص ومسؤول أن أبرز ما أرادته ثورة فبراير هو الديمقراطية الحقيقية التي تحمي وتضمن مصالح الشعب كله، وتجسد مصالحه الحقيقية لا مصالح الفئويات التي تسيطر على تلك القوى.
على سبيل المثال وهو أهم من ينبغي له التفكير بمسارات المستقبل مجلس القيادة. يتكون أعضاء مجلس القيادة من ثمانية أشخاص، غير أن مجلس القيادة بشكله الحالي وإدارته التي يقترب عمرها من ثلاث سنوات يواجه مأزق التلاشي والانهيار.
عجز مجلس القيادة عن البقاء في عدن، وعن إدارة الدولة منها، وعن التوافق على أي شيء تقريبا إلا ما يريده عيدروس الزبيدي، عبر إصدار قرارات جمهورية سرا، لا تنشر في الجريدة الرسمية، ومع ذلك عجز عيدروس أيضا عن فعل شيء تقريبا على مستوى البنية التحتية والخدمات والمرتبات وفاعلية مؤسسات الدولة التي يريد الانفصال بها جنوبا. الانهيار المريع لكل شيء تقريبا لا حد له، ولا أفق لهؤلاء بالبقاء إلا بالانطلاق من ثورة فبراير.
يقف معظم الأعضاء بالضد من الثورة، لأسباب مختلفة، ولا يذكرونها مطلقا، ولا يستندون إليها، ويبدون خصومة شديدة لها، رغم فضلها عليهم، ومع ذلك، تؤسس مضامين الثورة تلك لحل كثير من المعضلات التي تواجه البلد ومجلس القيادة، وجميع القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الداخل.
كان المضمون الأبرز لثورة فبراير تعزيز الديمقراطية، والاستجابة للمطالب الشعبية وتجاوز الديمقراطية الجزئية المتحكم بها. بالعودة إلى هذا المبدأ وتجسيده على أرض الواقع سيمتلك مثلا رشاد العليمي وهو -أضعف شخصيات مجلس القيادة- قوة شعبية تمكنه من إدارة مجلس القيادة بدلا من الهجوم على الشعب ووصف المطالب الشعبية والسخرية منها "بالشعبوية" كما قال في مقابلة له بحضرموت السنة الماضية، وتخفف من اعتماده المطلق على الخارج، وتمنحه مساحة للتحرك.
تمنح مضامين الثورة الشعب إمكانية لإعادة تنظيم أنفسهم، بدون تنظيمات سياسية شعبية لا يمكن مواجهة الحوثي ولا إدارة الدولة ولا مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة. تمنح ذكرى الثورة فرصة للنخب اليمنية بكل مستوياتها للتفكير بمستقبلهم على أسس سليمة لمواجهة التحديات، بما فيها تحدي مواجهة الحوثي، والدفاع عن جمهورية 26 سبتمبر ومستقبل اليمنيين.
المصدر: يمن شباب نت