اخبار هامة

    مدارس فرع العدين.. من محاضن للعلم إلى سجون ومراكز تعبئة للحوثي (تقرير)

    مدارس فرع العدين.. من محاضن للعلم إلى سجون ومراكز تعبئة للحوثي (تقرير)

    اب بوست-متابعات

    على مدى السنوات الماضية، عمدت مليشيا الحوثي في كل مناطق سيطرتها، إلى انتهاج كل الطرق لتدمير التعليم وتحويله إلى أداة طيّعة لمشروعها الطائفي، عبر المناهج التعليمية والتعبئة المكثفة، فضلاً عن عسكرة المدارس وحرف رسالتها من أماكن تنوير وتعليم إلى مواقع للقمع وانتهاك حقوق الطفل والنشء.


    في فرع العدين، المديرية النائية غرب محافظة إب (وسط اليمن)، والمحاددة للمديريات الجنوبية الشرقية من الحديدة، والشمالية الغربية من تعز، نهجت المليشيا طريقاً ومساراً تدميرياً للتعليم، يعزز من هيمنتها ويرسم بجلاء ملامح مشروعها الطائفي القائم على التجهيل وفرض القبضة الأمنية في مواجهة مجتمع يتخذ من التعليم سلاحاً ووقوداً للوقوف بصمود أمام الجائحة الإمامية والتغلب عليها.


    في منتصف الطريق، وعلى بوابة السوق، يتربص مشرفون حوثيون بالمواطنين عبر النقاط الأمنية، وبينما هذه النقاط الحوثية التي من المفترض أن تكون مكلفة بحركة الأمن، إلا أنها في العدين عامة، وفي مديرية فرع العدين خاصة تحولت إلى مصدر نهب وقمع، ومصدر تخريب للمدارس التعليمية، حيث تقوم المليشيا الحوثية بسجن المواطنين، وسائقو المركبات، وحتى طلاب المدارس في فصول المدارس.


    عبث المليشيا ضد التعليم


    تختلف الحيل، وتتنوع الأداة، ولكن تبقى الفكرة الخطيرة هي التي تسعى مليشيا الحوثي لتطبيقها عن طريق وسائل حرب معنوية، ومادية، إحدى هذه الطرق هي عسكرة التعليم ابتداءً من طابور الصباح، وصولًا إلى ترهيب وتخويف الطلاب ثم سجنهم داخل المدارس نفسها.


    الطالب "محمد سعيد" المتلهف للتعليم وللطابور المدرسي يشكو في حديث لـ "يمن شباب نت" من اختطاف المليشيا للطابور المدرسي وتحويله إلى حصة للتعبئة وطمس الهوية الوطنية وغرس قيّم العنف والهوية الطائفية بديلاً عنها، يقول: "دائمًا يقولوا لنا في الطابور اعملوا وقفة احتجاجية، وألقوا الصرخة".


    طابور الصباح الحصة الأهم التي يتنافس فيها الطلاب ويحبون إظهار ثقافتهم وليقاتهم الجسدية وشغفهم بترديد النشيد الوطني وإلقاء تحية العلم: "تحيا الجمهورية اليمنية"، باتت مهددة في مدارس فرع العدين حيث يسعى الحوثي وبجهد إلى تحويلها إلى حصة للتعبئة وترديد كلمات الصرخة في عقول الأجيال وذاكرتهم، وهي الكلمات التي تعبر عن هوية الحوثية، وتدعي إلى الحرب، والموت، والعنف.


    يضيف الطالب محمد: "كنت أروح الصباح بدري عشان أسبق الطلاب وألقي تحية العلم لكن الآن أبو رعد يطلب منا الاصطفاف على شكل دائرة ويعطينا عبارات نمسكها ثم يأمرنا بإلقاء الصرخة وهو يصورنا".


    وأبو رعد الذي أشار إليه محمد، هو مشرف حوثي يقوم بزيارة المدارس في فرع العدين بشكل دائم، وينشط في تعبئة الطلاب بأفكار وأيدولوجيات لا يعرفونها، يلقنهم عبارات الحرب، ويسلب منهم حقهم في التعليم.

     

    فصول دراسية.. مصدر رعب


    بينما يفترض أن تكون المدارس مصدر شغف الطالب، حيث لا حياة دون تعليم، إلا أن المدارس في مناطق سيطرة الحوثيين تحولت إلى رمز للرعب. أصبحت هذه المؤسسات شبحًا مظلمًا يخشاه الطلاب والسائقون والمعلمون والمواطنون على حد سواء.


    لقد تغيرت أجواء التعليم في فرع العدين إلى شبح أكثر قتامة، وأصبحت المدارس سجون، حيث باتت مصدر رعب للطلاب. يقول فوزي خالد لـ"يمن شباب نت": "من يوم جاءت النقاط، وخاصة نقطة حسيد، أصبح الطلاب يخافوا من المدرسة".


    ويضيف خالد: "أواجه صعوبة مع أبنائي في إقناعهم للدراسة، بسبب النقطة، إذا حدثت أي مشكلة بين الطلاب عسكر النقطة يسجنوهم في الفصول، ويطلبوا منهم فلوس".


    ويؤكد خالد: "من زمان ونحن نعرف إذا حدث أي خلاف بين الطلاب يتم حل المشكلة في إدارة المدرسة لكن الآن من يوم جاءوا هؤلاء الحوثه أصبحت إدارة المدرسة منسية".


    المدارس كمقرات اعتقال غير قانونية


    من جانب آخر النقاط الأمنية، التي من المفترض أن تهتم بتنظيم حركة السير، تحولت إلى أدوات للابتزاز، حيث يُسجن كل من يرفض دفع الأموال لمشرفيها داخل فصول المدارس، لتصبح هذه الفصول مصدرًا للتعسف والقمع.


    وعلى الرغم من وجود إدارة أمن وأقسام شرطة تابعة لمليشيا الحوثي داخل المديرية، تتجه النقاط الحوثية في فرع العدين إلى استخدام المدارس الحكومية كمقرات اعتقال سرّية خارج أي إطار قانوني. تتحول الفصول الدراسية في هذه المدارس إلى زنازين مؤقتة لا تخضع لإشراف رسمي، ولا تمت بصلة للمهام المفترضة للنقاط الأمنية من تنظيم حركة السير وضبط المخالفات. ورغم تعدد الشهادات، تواصل المليشيا إنكار هذه الممارسات.


    وتعد مدرسة النصر في حسيد أبرز مثال على هذه الانتهاكات، إذ يستخدمها مشرفو النقاط لسجن المواطنين داخل الفصول. وتشمل قائمة المدارس التي تحولت إلى سجون وثكنات حوثية: (مدرسة الفلاح، ومدرسه 26 سبتمبر، ومدرسة الشهيد حيدر، ومدرسة معاذ بن جبل – الأهمول).


    ويقول الأهالي إن هذه المدارس تعرضت لتخريب واسع نتيجة تحويلها إلى مواقع احتجاز، يقف وراءه عدد من المشرفين الحوثيين، من بينهم: أبو علي قائد نقطة منطقة "الحجف"، طارق ملهي، أبو محمد (عبدالرؤوف المجعشي)، قائد نقطة منطقة حسيد وضاح المجعشي، وأبو صامد.


    المواطن صلاح أحمد (سائق مركبة نقل) وهو أحد أبناء مديرية فرع العدين يؤكد لـ يمن شباب نت تعرضه للسجن في المدرسة قائلاً: "أكثر من مرة يقوم عسكري نقطة حسيد بسجني داخل فصل في مدرسة النصر".


    ما تعرض له السائق "صلاح" من تعسف وابتزاز في نقاط الحوثي تعرض له العديد من السائقين، وتُشير شهادات باعة قادمين من مديريات تهامة المجاورة إلى أن النقاط الأمنية تحتجز كل من يرفض دفع الأموال، كحال البائع "بدر عبده حمود"، الذي قال في شهادته لـ يمن شباب نت: "فرضوا علينا دفع عشرة آلاف ريال ضريبة على البضاعة –حلوى المشبك والزعافير– وحينما رفضنا، حبسونا أنا وأخي داخل المدرسة ليوم كامل".


    كعادتهم، يأتي أبناء تهامة كل جمعة محملين بالبضائع، لبيع الحلوى التهامية الشهيرة مثل المشبك وحلوى الدحباش والزعافير، ويتنقلون على متن مركبات تُعرف محليًا باسم "سيارة شاص"، في يوم الجمعة، يبيعون بضاعتهم في سوق الحُجف الواقع في عزلة الأهمول بمديرية فرع العدين، ثم يتجهون عشية الجمعة إلى سوق الحرية التابع لشرعب الرونة، الذي يعد السوق الرئيسي والمركزي لعدة عزل، ويربط القرى والمديريات، ويشكل ملتقى لأبناء فرع العدين وأبناء شرعب كل يوم سبت.


    ويضيف حمود: "كل أسبوع نذهب يوم الجمعة إلى سوق حسيد للظهر، ثم نحمل البضاعة إلى سوق الحرية لبيعها يوم السبت، لكن النقطة تجلس تبهذلنا، والمشرف أبو صامد يهددنا إذا لم ندفع الفلوس سنسجن بالمدرسة".


    ومن وجهة نظر قانونية حول هذه الانتهاكات الحوثي يُعلّق المحامي مراد علاية متحدثاً لـ"يمن شباب نت": أن "اقتياد المواطنين وحبسهم في المدارس دون أي مسوغ قانوني يعتبر مخالفة صريحة لنصوص القانون والدستور اليمني، الذي جعل مهمة الشرطة والأمن حماية المواطن واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حال المخالفة".


    ويضيف علاية: "تحويل المدارس والمرافق الحكومية إلى سجون ومعتقلات سرية من قبل مليشيا الحوثي هو جريمة مركبة تخالف القوانين اليمنية والدولية على حد سواء، وتشكل اعتداءً مباشرًا على حقوق الإنسان وسلامة المجتمع".


    وشدد: "يجب أن تكون السجون تابعة للدولة وتحت إشراف النيابة العامة، وليس خاضعة لمليشيات مسلحة، حيث تنص المادة (48) من الدستور على أن تقييد الحرية لا يتم إلا بأمر قضائي، وأي احتجاز خارج الأماكن المخصصة يُعتبر جريمة".


    انتهاكات واسعة


    في 1 أغسطس الماضي اختطفت مليشيا الحوثي التربوي عبدالعزيز علي سفيان من داخل مدرسة السلام في منطقة الوزيرة، واقتادته إلى جهة مجهولة، ولا يزال مصيره مجهولًا حتى اليوم، وفق تأكيدات أسرته.


    وفي 18 يناير الماضي شهدت مدرسة الميثاق في جباح اقتحامًا مسلحًا شارك فيه مدير مكتب التربية بالمديرية، ومدير إدارة الفرع، والمشرف الحوثي أبو رعد الوائلي، إلى جانب حملة أمنية بقيادة المشرف مهران الأهدل، وبمشاركة أقاربه وائل الأهدل ووليد الأهدل، إضافة إلى نائب مدير الأمن الحوثي مالك الأهدل.


    اقتحم المسلحون ساحة المدرسة واعتدوا على الطلاب والمعلمين بعد رفضهم قرارات مفروضة من المليشيا. وبحسب شهادة أحد الأهالي –فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية– فإن المسلحين: "هددوا الطلاب بأسلحة نارية، ومنعوا الرافضين من دخول الامتحانات، كما أجبروا الطلاب على رفع صور المشرف مهران الأهدل بالقوة".


    هذه الحوادث كما يوضح الأهالي ليست استثناءً، إذ تعد جزءًا من سياسة ممنهجة لفرض السيطرة على المدارس وتحويلها إلى أدوات قمع وترهيب.


    المصدر: يمن شباب نت

    قد يعجبك ايضا!