اخبار هامة

    إب والحوثي.. مقاومة شعبية تتنامى ومليشيا تهرب إلى مربع القمع المفرط (تقرير خاص)

    إب والحوثي.. مقاومة شعبية تتنامى ومليشيا تهرب إلى مربع القمع المفرط (تقرير خاص)

    اب بوست-خاص

    "إطلاق رصاص على قسم شرطة للحوثيين.. قتلى وجرحى حوثيون برصاص مسلحين قبليين.. وقفة احتجاجية تندد"، هذه العناوين ومن فصيلتها باتت هي المتصدرة لوسائل الإعلام عما صار عليه الوضع بمحافظة إب (وسط اليمن) في مشهد لم يعد غريباً خلال الآونة الأخيرة.

     

     يحدث ذلك رغم كل ما تحاول المليشيا اثباته أنها ممسكة بقبضة حديدية لمحافظة لا تطيقها، ولا تفسير لما يحدث غير أن المحافظة فلتت أو كادت من يد المليشيا؛ حتى ولو لم تتلقفها جماعات أو كيانات ترتب تلك التفاعلات على الأرض إلى فعل منظم.

     

    كثيرة هي الانتهاكات التي ترتكبها المليشيا الحوثية ضد سكان المحافظة، إلاّ أنه وفي المقابل تتلقى وبشكل شبه يومي الصفعات تلو الصفعات، وما تكاد تفيق من واحدة حتى تتلقى الأخرى، في حراك ومقاومة مجتمعية مستمرة وآخذة في التصاعد.

     

    شرارة المقاومة

     

    الكفاح المسلح لأبناء إب في وجه المليشيا الحوثية الإرهابية، قصة نضال بدأت مع أول يوم دنست فيه أطقم وعربات المليشيا المحافظة، وظلت مستمرة رغم كل الصعوبات في مسارات واتجاهات مختلفة.

     

    دخلت المليشيا أكثر من محافظة في خريف 2014م دون مقاومة، وحدها إب من وقفت في وجهها آنذاك، وخاضت معها مواجهات استمرت عدة أيام حتى توقفت بفعل لجان وساطة محلية تعهدت ببقاء المحافظة بيد أبنائها ثم سلمتها لاحقا للمليشيا.

     

    لم تتوقف المقاومة عند هذا الحد بل لجأت إلى عمليات الكمائن وكبّدت المليشيا على مدى أشهر خسائر كبيرة، قبل أن تنظم نفسها وتقود عمليات تحرير واسعة لغالبية المديريات حتى وصلت على تخوم مركز المحافظة لتتوقف هناك لشحة الإمكانات وحفاظا على سلمية المدينة التي حرصت المليشيا وباستماته لجرها إلى مربع العنف.

     

    عقب ذلك شهدت عدة مديريات مقاومة مجتمعية استمرت لأشهر كما هو الحال عليه في "الشعاور" بحزم العدين وبالتوازي مع ذلك انخرط الآلاف من أبناء المحافظة الرافضين للمشروع الحوثي الطائفي في الجيش الوطني في مختلف الجبهات قيادات وجنود وسطروا ولازالوا ملاحم من البطولة والتضحية.

     

    احتجاجات مستمرة 

     

    في داخل المحافظة "المحتلة" وعلى مدى ثماني سنوات لم يستكن أبنائها الأحرار رغم كل ماطالهم من بطش وفعل انتقامي ممنهج، فكل يوم نسمع عن انتفاضة شعبية ضد قيادي حوثي هنا أو مسؤول متنفذ هناك، أو فعالية احتجاجية ضد انتهاك أو تنديد بفسادٍ ما، وهذا غير غريب على المحافظة التي انطلقت منها أول شعلة ثورية وتخلفت فيها أول انتفاضة شعبية مناهضة للحوثيين عبر "حركة رفض" التي نظمت عشرات المسيرات والفعاليات الاحتجاجية وتوسعت بأنشطتها إلى عدة محافظات قبل أن تغرق البلد في أتون الحرب.

     

    ورغم آلة القمع الحوثية، ظلت إب وفية لنضالها مستندة إلى تاريخ زاخر بالثورة والتحرر ورفض الظلم والاستبداد، وخلال الأسابيع الماضية، شهدت المحافظة عدة تظاهرات شعبية تجاه عدد من القضايا من بينها تظاهرات لمعلمين، وموظفين في الأشغال، والأوقاف، وتظاهرات تندد بفساد وجرائم المليشيا وأخرى تطالب بالقبض على متورطين في جرائم جنائية تحولت إلى قضايا رأي عام تحت الضغط الإعلامي والشعبي.

     

    أقوى المُدن المُقاومة

     

    "على عكس ماهو شائع بأن محافظة إب، لا تقاوم الحوثي، فإن الحقيقة عكس ذلك"، يقول الصحفي (سلمان المقرمي) المهتم بتتبع الصراعات والانتفاضات التي تشهدها المحافظات المحتلة.

     

    ويؤكد في حديث لـ "إب بوست"، أن "محافظة إب تُعد أقوى نقاط المقاومة الشعبية ضد الحوثي مقارنة بالمحافظات التي يسيطر عليها، إلى الدرجة التي يكاد يفقد فيها الحوثي السيطرة على المحافظة، رغم كل قوته وبطشه".

     

    ويضيف: "تتخذ المقاومة في إب ضد الحوثي أشكالا متعددة، أهمها المظاهرات الجماعية المنتظمة، تجاه عدد من القضايا، آخرها كما أعلم الوقفة المناهضة لخصم استحقاق اليونيسف للمعلمين التي كانت قبل أيام، كما شهدنا عدة تظاهرات سواء التي تطالب بالقبض على مجرمين، أو حتى تغيير قادة حوثيين، من بعض المؤسسات".

     

    ويتابع: "على مستوى مدارس المحافظة، رأينا احتفالات ذكرى ثورات سبتمبر وأكتوبر، كيف استطاعت المدارس في المحافظة، تسجيل صورة ناصعة عن المقاومة ضد الحوثي، عبر الفعاليات الاحتفالية، وانتشرت في جميع مدن المحافظة، احتفالات واسعة علنية بجميع المديريات، بما لها من دلالات رمزية مناهضة للحوثي خاصة في مسقط رأس علي عبدالمغني".

     

    ويشيد "المقرمي" بالنشاط الإعلامي في محافظة إب كأحد أهم وسائل المقاومة، الذي قال إنه "يعمل على نزع هيبة الحوثي التي يصورها عن نفسه، ويسرب جميع الوثائق خاصة تلك التي تتعلق بنهب الأراضي أو غيره".

     

    ويضيف: "مقارنة بمحافظات أخرى، تعمل المقاومة في إب، على رصد كل جرائم الحوثي، أولا بأول وتحويلها إلى قضية رأي عام، تؤرق مليشيا الحوثي، وفي بعض الحالات تضطر المليشيا إلى الاستجابة للرأي العام، خوفا من تفاقمه".

     

    البندقية تتكلم من جديد

     

    مؤخراً شهدت مديريتي فرع وحزم العدين (غربي إب)، مواجهات مسلحة بين مواطنين والمليشيا الحوثية خلفت عدد من القتلى والجرحى.

     

    ففي مطلع فبراير الجاري اندلعت مواجهات مسلحة بين نجل شيخ قبلي في مديرية حزم العدين يُدعى (سام محمد الحريمي) وبين عناصر نقطة للمليشيا في منطقة "الفنج" بعزلة "جبل حُريم" أصيب فيها عدد من عناصر المليشيا التي راحت تنتقم من المدنيين في حملة انتهاكات واسعة لاتزال مستمرة حتى الآن.

     

    وقبل ذلك في مطلع يناير الماضي، لم يكن أمام المواطن (منصور نعمان مسعد) من بُد وهو يرى قيادات حوثية تتآمر لنهب أرضيته، إلاّ أن يستل بندقيته ويقتل القيادي الحوثي ومشرف المليشيا في فرع العدين (أبو حيدر المداني) إلى جانب الشيخ (محمد عبدالحميد المزحاني) وأربعة من مرافقيهم، قبل أن يُقتل في مشهد يلخص قوة ابن الأرض على المعتدي الغاشم.

     

    عودة ظهور مقاومة مسلحة وإن بدت فردية يعطي مؤشرا أن صبر الناس لن يطول، وأن البندقية تنطق من جديد وحين تتحدث الأسلحة فإن كثير من الرؤوس ستتطاير ومعها ستتشظى الانتفاشة الحوثية.

     

    وفي هذا الصدد يرى الصحفي (المقرمي)، أنه "من المتوقع أن تستمر مظاهر المقاومة الشعبية بمختلف أشكالها ضد الحوثي، في الفترة المقبلة، حتى تصل إلى مرحلة التنظيم والعمل الجماعي الشامل".

     

    ويضيف نقلاً عن مصادر خاصة، أن المليشيا تخشى من انتفاضة شعبية محتملة في محافظة إب، وأن الدافع الرئيسي لمليشيا الحوثي لمواصلة الحصار على تعز، وعدم فتح الطرق، هو خشيتها من اندلاع تلك الانتفاضة.

     

    قد يعجبك ايضا!