اخبار هامة

    في زمن مليشيا الحوثي.. الجامع الكبير بجبلة من مدرسة لنشر العلم والوسطية إلى مركز للطائفية والتعبئة

    في زمن مليشيا الحوثي.. الجامع الكبير بجبلة من مدرسة لنشر العلم والوسطية إلى مركز للطائفية والتعبئة

    اب بوست-خاص

    على مدى قرون من الزمن، وتعاقب الأنظمة ظل الجامع الكبير في مدينة جبلة التاريخية الواقعة جنوب غرب مدينة إب (وسط اليمن)، مدرسة للعلوم الشرعية والتنوير والوسطية ينهل منه أبناء المدينة واليمن بشكل عام كافة العلوم الدينية.

     

    والجامع الكبير بمدينة جبلة هو أكبر وأهم مساجد جبلة التاريخية الذي بنته الملكة أروى بنت أحمد الصليحي إبان الدولة الصليحية والتي كانت مدينة جبله عاصمة لها بين الفترة من 1085/ 1138ميلادية، وأوقفت أملاكها لصالحه ولاستمرار مدرسته العلمية خدمة لطلبة العلم من خلال حوزاته وغرفه الدراسية التي كان يطلق عليها بـ "الخلوه" والتي يزيد عددها عن ثلاثين غرفه ناهيك عن ساحة وملحقات الجامع والتي كان يدرس فيها العلوم الدينية بكافة المذاهب.

     

    ومع ما يمثله هذا الجامع من أهمية لدى سكان وأبناء مدينة جبله كمعلم تاريخي وصرح علمي يضج بحلقات الذكر وحفظ كتاب الله والحديث وعلوم السيرة والفقه واللغة العربية، فإنهم ظلوا طوال تلك العقود يعتبرونه مسجدهم المفضل رغم كثرة المساجد في المدينة ويطمأنون للصلاة فيه ويرون بأنه أكثر روحانية للصلاة والعبادة والذكر، ولأجل ذلك كان المسجد يكتظ دوما بالمصلين داخله وفي ساحته وملحقاته سواء في الصلوات الخمس اليومية أو في يوم الجمعة التي يتوافد فيها المصلون من كل المدينة ومن المناطق المحيطة بما فيها مركز المحافظة منذ وقت مبكر للذكر وقراءة القرآن، فضلا عن الزائرين من داخل البلاد وخارجها.

     

    مسجد فارغ من المصلين

    على النقيض تماما مما كان عليه مسجد الملكة "أروى" وماهو عليه الحال الآن في عهد مليشيا الحوثي، فالجامع أصبح شبه خالي من المصلين وحلقات الذكر والقرآن إلا من حلقات طائفية خصصتها المليشيا لتلقين من تم استدراجهم أو أكرهوا تحت التهديد بالقوة، حسب أحد أبناء مدينة جبلة القديمة.

     

    ويضيف باختصار لـ "إب بوست": "من يوم جاء الحوثي لم نعد نذهب للصلاة في الجامع الكبير".

     

    وللتوضيح أكثر يتابع: "لقد كان الجامع الكبير يكتظ بالمصلين حتى استحوذ الحوثيون عليه وحولوه إلى ملكية خاصة بهم فامتنع معظم أبناء مدينة جبله عن الذهاب إلى الجامع سواء لأداء الفروض الخمسة أو لاستماع خطبة وأداء صلاة الجمعة فقد فرض الحوثي إماما وخطيبا للجامع من أتباعه وأرغموا المصلين على سماع خطبهم المعممة على المساجد وسماع محاضراتهم وترديد الصرخة".

     

    وأعرب ابن مدينة جبله عن آسفه عما صار إليه حال الجامع الكبير في ظل استحواذ المليشيات الحوثية عليه، مشيراً إلى أنه كان يحرص على حضور الصلوات الخمس بالجامع الكبير ويوم الجمعة ويحضر حلقات تحفيظ القرآن الكريم التي كانت تقام بالجامع بين صلاة المغرب والعشاء إلا أنه منذ سنوات توقفت تلك الحلقات القرآنية وحولها الحوثيون إلى مجالس لسماع محاضراتهم ودروسهم الخاصة.

     

    منصة للطائفية والتعبئة

    يقول (م. أ) إن الحوثيين حولوا الجامع الكبير بمدينة جبله إلى منصة للطائفية والتعبئة حيث يقومون بفتح مكبرات الصوت لمحاضرات زعيمهم عبدالملك وشقيقه الصريع حسين الحوثي في معظم الأوقات.

     

    ويؤكد بأن المليشيا يقومون باستقطاب الشباب والأطفال الذين يحضرون للصلاة ولحلقات القرآن وإجبارهم على تلقي الدروس والمحاضرات والملازم الحوثية وتعبئتهم بالأفكار والمعتقدات والمصطلحات الحوثية الايرانية التي تحرض على العنف والقتال ومن ثم اقناعهم بالذهاب للجبهات للقتال.

     

    وأضاف في حديث لـ "إب بوست"، كثير من الأطفال الذين يجري أدلجتهم يذهبون للجبهات لقتال الأمريكيين والإسرائيليين وأعوانهم ومن يسموهم "المنافقين" ولا يعلمون أنهم وقود حرب عبثية لجماعة ترى أحقيتها بالحكم دون غيرها وقتل كل من يخالفها من اليمنيين.

     

    ولفت إلى أن المليشيا أيضاً عمدت خلال السنوات الأخيرة إلى غلق المسجد في وجوه المصلين وتخصيص مرافقه لدورات طائفية مغلقة بعد أن أغلقوا حلقات القرآن، والأدهى من ذلك أنهم يمارسون فيه طقوسهم الطائفية كالاحتفال بيوم عاشوراء ويوم الولاية وغيرها من الفعاليات الطائفية التي لم يعهدها أبناء جبلة.

     

    عبث بالتاريخ

    ناهيك عن كل ماذكر أعلاه عمدت مليشيا الحوثي ومن منطلق عدائها للتأريخ والآثار، إلى تعمد اهمال المسجد والعبث بأعمدته ونقوشه ومخطوطاته، ونهب مكتبته الزاخرة بأمهات الكتب والمراجع الدينية.

     

    الحاج (ع. ص) ـ اسم مستعار ـ أحد كبار السن في مدينة جبلة التاريخية يقول "الحوثة يا ابني بهذلوا بالجامع بهذلة.. شمتوا (عاثوا) بجدرانه ونقوشه ومخطوطاته".

     

    ويضيف في حديثه لـ "إب بوست"، حولوا جدران المسجد كلها ملصقات وشعارات وطمسوا الزخارف التاريخية بالرنج الأخضر والأحمر (في إشارة إلى الصرخة التي تعتلي واجهة المسجد وفي جدران فنائاته).

     

    وتابع: كان الناس والسواح يجوا زمان للمسجد عشان يشوفوا الزخارف والتراث ماذلحين ماعاد حد يجي.

     

    ويختم حديثه بالقول: على الناس أن يتحدوا ويقفوا صف واحد أمام الحوثة لأن جبلة حقنا ولن نتركها لهم.

    قد يعجبك ايضا!