اخبار هامة

    اليمنيون.. من قطِران حميد الدين إلى رنج بدر الدين

    اليمنيون.. من قطِران حميد الدين إلى رنج بدر الدين

    وليد الشعوري-خاص

    من القطران الأسود إلى الرنج الأخضر يتنقل اليمنيون بين مراحل الأُسَر الهاشمية السلالية وحِقبها المريرة، مصطلياْ بجحيم خرافاتها وأكاذيبها ومزاعمها الباطلة.


    قبل عشرة عقود كانت الأسرة ماقبل الأخيرة هي أسرة بيت حميد الدين، تلك الأسرة التي أهلكت الحرث والنسل، وأذاقت اليمنيين صنوف الظلم والقهر والاستبداد والعذاب والتنكيل، وظلت سيوف طغاتها تحز رقاب اليمنيين في الميادين العامة حتى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.


    لم تنجز تلك الأسرة مشروعاً واحداً يخدم اليمنيين طوال فترة تسلطها عليهم منذ عام 1904 وحتى عام 1962، سوى أنها إلى جانب قتلهم وإففارهم، تعمدت تجهيل الشعب لتتمكن من إخضاعه والسيطرة على وعيه بخرافات الولاية والإصطفاء، وجعلته شعباً مختلفاً بائساً يقبع تحت سطوة طغاة الإمامة، وسيوف جلادوها.


    تحرر اليمنيون في فجر سبتمبر من كهنوت أسرة بيت حميد الدين بعد مراحل طويلة من كفاح اليمنيين ونضالهم، تكللت تلك المحطات النضالية بالنصر الكبير في السادس والعشرين من سبتمبر، وسقطت تلك الأسرة وسُحقت تحت اقدام الشعب وفي مقدمتهم الثوار الأحرار، لكن جذورها لم تُجتث، ومستنقعها الملوث بالعنصرية لم يجف، نتيجة الأخطاء السياسية التي رافقت المنظومة الحاكمة بعد قيام الثورة، والتي سطحت المشكلة الإمامية، وتقاعست عن توضيح مكامن الخطر العنصري، وتحصين الأجيال اليمنية، الأمر الذي مكن الإمامة من ارتداء ثوب الجمهورية والبقاء في مفاصل السياسة، ودهاليز القضاء، وأروقة المدارس الفكرية المختصة بإحياء الهادوية السياسية، والترويج لمزاعم الحق الإلهي والإصطفاء والبطنين، وآل البيت، وغيرها من الأفكار التي سهلت للإمامة التسلل من بين أصابع الجمهورية، وعودتها مجدداً على شكل عصابة عنصرية اسمها جماعة الحوثي.


    بعد خمسة عقود من عمر الجمهورية وعلى حين غفلة من إدراك اليمنيين تمكنت أسرة هاشمية سلالية جديدة (أسرة بيت بدر الدين) من الوصول إلى عاصمة الجمهورية ومحافظات أخرى، مستغلة التراخي السياسي، والألغام الهاشمية المزروعة في كيان الجمهورية، وعلى خطى أسلافها صنعت باليمنيين مالم تصنعه الجماعات النازية في العالم، وصبت حقد أجدادها الهالكين فوق أظهُر اليمنيين، مارست القتل والاختطاف وتفجير المنازل ونهب الممتلكات وتعطيل مؤسسات الدولة، دمرت الاقتصاد وأفقرت الشعب، وصادرت الرواتب، وأثقلت كاهل المواطنين بالجبايات والمناسبات الطائفية، واعتدت على الجمهورية، وتحاول طمس الهوية والتاريخ والحضارة اليمنية، وتفخخ عقول النشء بثقافة العنصرية والإرهاب والخرافات، وتسعى لإغراق المدن بالبكائيات والشعارات المستوردة من إيران، وتطمح أن تكون اليمن إقطاعية إيرانية خالصة.


    وتستند أسرة بيت بدر الدين على إرث السلالة الرسّية فكراً وسلوكاً في تعاملها مع اليمنيين، بل تعدت المنظومات السلالية التي سبقتها في البشاعة والإرهاب والغدر والمكر.  


    وما أشبه الليلة بالبارحة، فبعد قيام ثورة 1948ومصرع الطاغية يحيى حميد الدين على يد بطل الجمهورية الثائر الشيخ علي ناصر القردعي، تولى نجله أحمد بن يحيى حميد الدين الحكم من بعده، وحين أراد معرفة وعي اليمنيين، وقياس شعبيته في أوساطهم، والتأكد من أنهم لازالوا يؤمنون بالخرافات، ومدى استجابتهم لتوجيهاته، فقرر أن يخترع قصة سخيفة، وأعلن أن الجن الذين كانوا يأتمرون بأمره وينقلون له أخبار المؤامرات قد تمردوا عليه، وسيهاجم الجن الشعب، وأصدر توجيهاً لكافة اليمنيين بتحصين أنفسهم بالقطران الأسود، حتى يتمكن من السيطرة على الجن مرة أخرى، وأمر وزيره بطلاء نفسه بالقطران والخروج أمام الناس حتى يصدقون كذبة الإمام، فاستجاب الشعب وسارع العامة لطلاء أجسادهم بالقطران خشية الجن، حينها تأكد الإمام أن الناس لازالوا في عتمة الجهل، ولم تصل إلى أسماعهم صيحات الثوار الأحرار، وأن الناس لازالوا مستعدين للانقياد والعبودية لخليفة الله في الارض والحاكم بأمره كما يدعي أحمد بن يحيى الدين.


    لايختلف الأئمة الجدد عن اسلافهم بشيء، الإرهاب والإجرام والخرافات والأكاذيب والنهب التي نشهدها اليوم هي نفسها التي كانت في الأمس قبل ثورة سبتمبر المجيدة، الفارق فقط هو التحول من القطران الأسود إلى الرنج الأخضر.


    ينخدع بعض اليمنيين بدعوات الحوثيين للاحتفاء بالمولد النبوي، والالتزام بالطلاء الأخضر، غير مدركين أنها قطرنة جديدة، ووسيلة سياسية يبتغي الحوثي من خلالها قياس شعبيته في كل عام، بعد تزايد السخط الشعبي ضد مشروعه العنصري يوماً بعد آخر، وسيلة الاحفاد لاتختلف عن وسيلة الأجداد، لكن عبده الحوثي استطاع تحديث الوسيلة وربط طلاء كميكو الأخضر بمولد النبي الأعظم، يعتقد انه أذكى من جده صاحب القطران الذي لم يأبه لأمر كهذا وهو استثمار الرسول (ص) بدلاً من الجن.


    حين يحشد الحوثي اليمنيون الى الساحات للاحتفاء بالمولد النبوي، ليس حباً ولا تعظيماً لرسول الإنسانية، بل هو يريد ان يعرف عدد اليمنيين الذين يتبعونه ويخافون من سطوته، ويستجيبون لتوجيهات مشرفيه، إضافة إلى أنه يريد أن يقول للعالم أن هؤلاء أتباعي والمؤيِدون لمسيرتي العنصرية، ولو نفترض أن اليمنيون الذين يحبون رسولهم الكريم قرروا ان يحتفوا بالمولد النبوي بساحات غير التي يخصصها الحوثيون، و يرفعون شعارات زرقاء أو بيضاء مكتوب عليها نحبك يارسول بدلاً من لبيك رسول الله، فما هو موقف الحوثيين، هل سيتركونهم وشأنهم يحتفلون بطريقتهم التي يفضلونها؟ بالطبع سيعتبرهم الحوثيون خونة ومنافقين ومرتزقة وعملاء وسيداهم الساحات ويقتل بعضهم ويعتقل البعض الآخر، وسيمزق الشعارات ويدوسها في الأرض حتى لو كان مكتوب عليها اسم خاتم الأنبياء، في تلك اللحظة سيدرك المنخدعون أن الحوثيون لا يحبون الرسول، ولا يريدون أن يحتفل احداً بمولده بعيداً عن طاعتهم وعبادة صنمهم عبده الطاغوت الذي يرى نفسه أكبر من مقام الأنبياء والمرسلين، وهو لا يساوي حذاء متهالك ينتعله أحد اليمنيين الذين سلبهم هذا الدجال أبسط مقومات الحياة.


    يتفق جّل اليمنيون في مناطق الاحتلال الفارسي أن فعالية المولد النبوي لاتمت للنبي بصلة، وهي فعالية مناسبة حوثية لاختبار الولاء لزعيم المليشيا، واستخفاف كبير يقوم به دجّال الكهف بعقول المنخدعين الذين صدقوه واتبعوه، وهنا يجب على اليمنيين مقاطعة هذه الفعالية، أو الاحتفاء بها بعيداً عن ميادين الحوثي وساحاته، وبشعارات أخرى، حتى يدرك الحوثيون حجمهم الحقيقي، يجب أن يعلم الحوثيين أن الناس مدركين للسلبطة التي يقومون بها على نبي الرحمة والمساواة، وعدم صلتهم بالرسول والإسلام بشكل عام.
     

    قد يعجبك ايضا!