اب بوست-متابعات
تعتزم الحكومة اليمنية إصدار سندات توجه حصيلتها لتمويل رواتب الموظفين. ووفق مصادر يمنية مسؤولة فإن هناك خيارات عدة تجري دراستها، بالتعاون مع الجهات المانحة، كالاستثمار في الدين العام، أو عن طريق شهادات الإيداع، أو من خلال استخدام بعض القطاعات والمنشآت والشركات العامة الإيرادية للاستثمار فيها عن طريق وحدة الصكوك الإسلامية التي دشنت خططها الاستثمارية في هذا الجانب باستهداف قطاع الاتصالات، وخدمات الإنترنت، وتقنية المعلومات.
ويرى خبراء اقتصاد في هذا الجانب أن هناك بعض الشركات أو المنشآت العامة التي جرى تدشينها خلال السنوات القليلة الماضية، لكنها شبه متعثرة مثل شركة "عدن- نت" وشركات نفطية، وهو ما سيجري العمل على تطويرها بنظام الاستكتاب فيها، أو من خلال تكوين شراكات استثمارية بين القطاعين العام والخاص، إضافة لاستغلال بعض المرافق والقطاعات في النقل، كالمناطق الحرة، والموانئ، والمطارات.
وقد لوحظ ذلك في المشروع الاستثماري الإماراتي الذي وافقت عليه الحكومة اليمنية لإنشاء لسان بحري في ميناء شحن بالمهرة، كما جرى منذ أيام تدشين العمل بمطار الريان في حضرموت، المتوقف عن العمل منذ نحو ثماني سنوات.
كما دشنت الحكومة في هذا الإطار، وبضغط، كما تؤكد مصادر مطلعة من صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي، عدداً من الإجراءات في هذا الخصوص، آخرها قرار رفع السعر الجمركي من 500 ريال إلى 750 ريالاً للدولار الواحد، إضافة إلى توجهات يجري الإعداد لها لتفعيل بعض المنافذ الجبائية، كالضرائب، وتوحيد قنوات تحصيلها.
وأكد مسؤول مصرفي في اليمن، لـ"العربي الجديد"، أهمية الإجراءات المنفذة في ما يتعلق بإطلاق السندات المضمونة.
واعتبرها ضرورة للمحافظة على الاستقرار ومعالجة الاختلالات وتوفير بعض الموارد لمواجهة الالتزامات الحتمية، ومنها المرتبات وبعض النفقات الضرورية الأخرى.
ويشرح المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن عملية طرح أداوت دين تقليدية وإسلامية تستهدف سحب فائض الكتلة النقدية الموجودة في السوق وتمويل عجز الموازنة من مصادر غير تضخمية، إذ جرى خلال الفترة الماضية العمل على بناء قدرات الكوادر في الدوائر المعنية والتنسيق مع خبراء شركة براجما لطرح تلك الأدوات عبر منصة "ريفنتيف".
وفي الوقت الذي يسود فيه تخوف كبير في اليمن من الآثار الاقتصادية للخيارات الطارئة بالنظر إلى نتائجها المدمرة على المستويين المالي والنقدي ومعيشة المواطنين، يدور نقاش واسع لبحث كيفية اتباع سياسات احترازية صارمة تحافظ على الاستقرار النسبي للصرف ومستوى الأسعار وعدم السماح بتجاوز تلك الثوابت إلا في إطار ما يسمح به القانون.
ويجري تداول خيارات عديدة في هذا الاتجاه، آخرها إطلاق العمل بالسندات المضمونة عبر منصة "ريفنتيف" بعد نجاح الاختبارات التجريبية التي جرت من خلال المنصة بالتعاون مع المانحين.
في الإطار، ستنظر لجنة خاصة بالسياسات النقدية مشكَّلة حديثاً، في تطورات الأوضاع الاقتصادية، في ضوء النتائج الأولية لمؤشرات منظومة الاقتصاد الكلي المحققة في العام المالي 2022، كذلك ستبحث مختلف الموازين المالية والقطاعات المختلفة وآفاق تطوراتها المستقبلية في ظل السيناريوهات المتوقعة والمترتبة عن الأحداث غير المواتية التي سادت خلال العام الماضي والمتوقع استمرارها لجزء من هذا العام.
ودعت اللجنة عقب تشكيلها مطلع فبراير/ شباط الحالي، الحكومة إلى مواصلة الإصلاحات المهمة التي بدأتها والتي تتطلب مساندة كل الهيئات الدستورية المختلفة والكيانات السياسية لمساندة الحكومة في توجهاتها الهادفة لمعالجة الاختلالات باعتبار ذلك ضرورة وطنية والتزاماً إقليمياً ودولياً يجب الوفاء به خدمة للصالح العام.
وفي هذا الإطار، يؤكد نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق، مطهر العباسي، لـ"العربي الجديد"، أن الهدوء النسبي الطفيف الذي يلاحظ في سوق الصرف المحلي في اليمن هو نتيجة المخصصات والمنح التي أقدم على تخصيصها صندوق النقد الدولي من المنحة التي أقرّ تقديمها لليمن العام الماضي، إضافة إلى المخصصات التي تأتي من المانحين من خلال تقديم بعض التمويلات عبر منافذ محددة متوافق عليها مع الحكومة اليمنية.
ومنذ الشهر الماضي، يقوم البنك المركزي اليمني في عدن بإشراك وحدة الصكوك الإسلامية بالمزادات الأسبوعية التي ينظمها نيابة عن البنوك الإسلامية، وذلك كما يؤكد البنك وفقاً للضوابط المقرة من هيئة الرقابة الشرعية.
في السياق، يعتقد الخبير المصرفي نشوان سلام، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المشاورات برعاية سلطنة عمان بين أطراف الأزمة في اليمن ستغير نتائجها الكثير في المشهد الراهن في البلاد، وخصوصاً على المستوى الاقتصادي والمالي والنقدي، وقد تحمل رؤية أخرى للتعامل مع هذا الملف المعقد محور التجاذبات والسجالات الدائرة في ما يتعلق بصرف رواتب الموظفين وعائدات تصدير النفط والانقسام المالي.
وتؤكد الحكومة اليمنية أهمية السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي لإعادة ضخ الدورة المالية في القطاع المصرفي، وسحب فائض العملة، وتجنب الطباعة والإصدارات النقدية المكشوفة.
وقال الباحث في مركز الدراسات المصرفية فهد درهم، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع الراهن في اليمن يقتضي إزالة كل القيود التي فرضت على المساعدات والمنح من الدول والبنوك والصناديق المالية والمنظمات المتخصصة الإقليمية والدولية، وكذا القيود المفروضة على سحب اليمن من القروض الخارجية وفق آليات متوافق عليها بين جميع الأطراف، ليس فقط في عدن، بل في صنعاء كذلك.
العربي الجديد