اب بوست-متابعات
يسود ترقب واسع في اليمن لتطورات الأحداث المتصاعدة بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانعكاساتها المتلاحقة على الأوضاع الداخلية والأسواق العالمية، والتغيرات المحتملة في سوق النفط، إذ يستورد اليمن معظم احتياجاته من الوقود.
ويفرض استمرار تصاعد الأحداث في المنطقة نتيجة الحرب تعقيدات واسعة على الجهود الحكومية في اليمن، مع تدهور القطاع النفطي بسبب الصراع الدائر في البلاد، وتفاقم الأزمة النقدية التي وضعت المؤسسات الحكومية في مأزق كبير لتوفير الاحتياجات الضرورية من الغذاء والوقود.
وحذّر البنك الدولي في تقرير صادر مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 من أنّ سعر النفط قد يرتفع إلى مستوى قياسي عند 157 دولاراً للبرميل إذا اتسع نطاق الصراع في الشرق الأوسط.
جاءت هذه التوقعات كما يؤكد التقرير بعد مناقشة احتمالية دخول دول محور المقاومة في العراق وسورية ولبنان في الحرب، في حين أشار البنك الدولي إلى اليمن بالمحور الأهم في هذه الاحتمالية كونها تتحكم بشكل مباشر بمضيق باب المندب الذي يمر منه 7 ملايين برميل يومياً والذي يعد شريان رئيس للاقتصاد العالمي.
الخبير الاقتصادي مطهر عبد الله يشرح لـ"العربي الجديد" أهمية اليمن في هذه المعادلة المعقدة من تطورات الأحداث ومشكلة الاستجابة السريعة للأزمات الداخلية التي تعاني منها البلاد، لافتاً إلى أن القلق يتزايد من ناحية ما سينتج عن هذه الأحداث المتلاحقة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة على الأسواق العالمية وارتفاع أسعار النفط وارتباط ذلك وتأثيره على ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ويرى أن محور هذا القلق هو تضخم فاتورة استيراد الوقود خلال السنوات الماضية، حيث يصل إلى أكثر من 60% مع واردات الغذاء من إجمالي واردات مختلف السلع في اليمن.
يأتي ذلك في ظل أزمة نقدية حادة بسبب تعطل تصدير النفط منذ أكثر من عام وخسارة الحكومة اليمنية أكثر من مليار دولار سنوياً، وهنا تتركز المشكلة والأزمة الأخرى وفق حديث الخبير الاقتصادي، الذي يشير إلى خسارة أخرى تتمثل في عدم الاستفادة من التغيرات الحاصلة في سوق النفط والتوقعات بارتفاع أسعاره نظراً لتوقف التصدير من اليمن وعدم وجود أي مؤشرات على قرب وجود أي حل أو اتفاق بين أطراف الصراع في اليمن للتوصل إلى هدنة تسمح بالتوافق على صيغة محددة لتصدير النفط.
وحدد تقرير البنك الدولي ثلاثة سيناريوهات للمخاطر وسط الحرب الإسرائيلية في غزة، أبرزها السيناريو الذي أطلق عليه "الاضطراب الكبير"، إذ ستنخفض إمدادات النفط العالمية بمقدار 6 ملايين إلى 8 ملايين برميل يومياً. ويقول التقرير إن ذلك من شأنه أن يدفع الأسعار للارتفاع بنسبة تتراوح بين 56% و75% في البداية ثم إلى ما بين 140 و157 دولاراً للبرميل، بعد ذلك.
ويصف البنك الدولي سيناريو خطر "التعطيل المتوسط" الذي يصل فيه سعر النفط الخام إلى ما بين 109 و121 دولاراً للبرميل. وفي حالة حدوث "اضطراب بسيط" فإن أسعار النفط سترتفع إلى نطاق يتراوح بين 93 و102 دولار.
على الرغم من أن الحكومة اليمنية لم تدعم الوقود المباع في السوق المفتوحة منذ عام 2017، فإنّها تدعم الوقود المستخدم لإنتاج الكهرباء، إذ أنفقت الحكومة المعترف بها دولياً عام 2021 ما يقدر بنحو 400 مليون دولار على الدعم، وهو ما يمثل حوالي ثلث إجمالي النفقات وحصة الأسد من عائدات تصدير النفط، في حين ترجح التوقعات أن أسعار الوقود الدولية المرتفعة قد ضاعفت الإنفاق على الدعم بمقدار ثلاثة أضعاف في عام 2022.
وأصبح اليمن أكثر اعتماداً على الواردات من أي وقت مضى، فقد عاودت فاتورة الواردات الرسمية التي انهارت عام 2015 الارتفاع باطراد طوال فترة الصراع، إذ تقول التقديرات الرسمية إن البلاد أنفقت 9.2 مليارات دولار على الواردات في عام 2021.
وتتوقع الحكومة اليمنية ارتفاع قيمة الواردات إلى 12.5 مليار دولار في عام 2022، أي بزيادة قدرها أكثر من 35%، مما يجعل هذا العام الأول منذ بدء الصراع الذي تجاوزت فيه تكلفة الواردات ذروة ما قبل الحرب البالغة 12.26 مليار دولار في عام 2014.
الخبير الاستشاري في الموارد الطبيعية عبد الغني جغمان، يقول لـ"العربي الجديد"، إن اليمن سيتأثر بشكل مباشر بسبب اعتماد البلاد على شراء مشتقاتها النفطية من السوق العالمية، لذا فإن أي تغير أو زيادة في الأسعار سينعكس سلباً على الاقتصاد اليمني وعلى المواطن.
ويؤكد جغمان أنّ أي تضرر لخطوط الملاحة الدولية أو استهداف منشآت أو ناقلات نفطية في المنطقة سيكون له تأثير على زيادة الأسعار حسب سيناريوهات البنك الدولي المقاربة للواقع.
ويواجه القطاع النفطي انكماشاً كبيراً في اليمن بسبب الحصار المفروض على صادرات النفط، والذي أدى بحسب تقرير المرصد الاقتصادي لليمن الصادر عن البنك الدولي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي 2023، إلى خفض متوسط الإنتاج اليومي من النفط من 61600 برميل في عام 2021 إلى 51400 برميل في عام 2022.
في المقابل، زادت الضغوط على المالية العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى ركود صادرات النفط.
العربي الجديد