اب بوست-خاص
عمدت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، خلال السنوات الماضية على فرض تسعيرة مخفضة للعملات الأجنبية (الدولار ـ السعودي) في مناطق سيطرتها بعيداً عن قيمتها الحقيقية معتمدة على القبضة الأمنية والقمع الذي تفرضه على محلات الصرافة والبنوك بعيدا عن القواعد الاقتصادية وسياسة السوق الحر.
وأبقت المليشيا سعر الصرف عند سقف (600 للدولار ـ 150 للسعودي) منذ سنوات قبل أن تقوم بتخفيضه خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة إلى مستويات (535 للدولار ـ 141 للسعودي) في الوقت الذي تزداد فيه أسعار المواد الغذائية والأساسية في الارتفاع دون توقف.
سياسة المليشيا تلك أثرت بشكل سلبي على حياة عشرات آلاف الأسر في محافظة إب أكثر من غيرها من المحافظات اليمنية، باعتبارها أكثر المحافظات التي ينحدر منها المغتربون اليمنيون في دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية واعتماد تلك الأسر على التحويلات المالية.
وتشير المعلومات التي تحصل عليها "إب بوست" إلى أن غالبية الأسر التي تعتمد على تحويلات أبنائها المغتربين باتت تعاني من شظف العيش بعد أن كانت ميسورة الحال.
شهادات وإفادات كثير ممن استطلعنا أراءهم تؤكد أن غالبية أسر المغتربين لم تعد تكفيها الحوالة المالية التي ترسل لهم وأنها تنتهي مع انتصاف الشهر فيما يلجأون بقية الشهر للاقتراض.
مصادر أخرى أفادت أنه ونظراً لتراجع أسعار الصرف وارتفاع الأسعار، لجأت أسرا كثيرة من أسر المغتربين إلى التسجيل لدى المنظمات أو المبادرات المجتمعية للحصول على مساعدات تقيها مذلة السؤال وهذا بحد ذاته مذلة ـ كما يقول بعضهم ـ أوصلهم إليها الحوثيون.
1500 ر.س لم تعد كافيه
يقول (ع ص ق) ـ مغترب في السعودية ـ في حديث مع "إب بوست" إنه كان قبل أشهر يرسل بمبلغ 1000 ريال سعودي شهريا لأسرته المكونة من خمسة اشخاص؛ لكنه الآن بات يرسل مبلغ 1500 ريال ولم تعد كافية.
وأرجع ذلك إلى انخفاض سعر الصرف في المحافظة واستمرار مسلسل ارتفاع الأسعار فيها.
ويضيف: أسرة متوسطة (5 أفراد) لم تعد تكفيها مبلغ 200 ألف ريال يمني في الشهر، وهذا دليل على عدم حقيقة أسعار الصرف المتداولة في السوق
وتابع لوكان سعر الصرف حقيقي لأرينا انعكاس ذلك على أسعار المواد الغذائية والأساسية؛ لكن على مايبدوا أنها لعبة من هوامير الصرافة المرتبطين بالحوثيين.
وأضاف صديق لي من أبناء مدينة تعز، يرسل مبلغ ألف ريال سعودي لأسرته وتكفيهم طوال الشهر، رغم أنها محاصرة وكلفة وصول المواد الغذائية إليها كبيرة.
حوالات باليمني وبسعر أقل
أفادت مصادر محلية في المحافظة بأن شركات ومحلات الصرافة ترفض منذ منتصف شهر يناير الماضي تسليم الحوالات المالية لأصحابها بالعملات الأجنبية.
وأكد مستفيدون لـ "إب بوست"، أن أصحاب محلات الصرافة، يرفضون تسليمهم حوالات مالية بالعملة الأجنبية، في الوقت الذي يتم تسليمها بالعملة المحلية وبسعر أقل مما هو معلن.
وفي هذا الصدد يؤكد " غ ز ش"، أن شركة الصرافة رفضت تسليمه الحوالة بالريال السعودي بحجة عدم وجود سيولة، وهي الذريعة التي يتذرع بها كل شركات الصرافة في المحافظة.
وأضاف أنه وبسبب حاجته اضطر للقبول باستلام حوالته بالريال اليمني، لكن المفاجأة أنه تسلمها بأقل من 4000 آلاف ريال يمني من سعر الصرف المعلن.
وأشار إلى أن الصرافين يقومون باستغلال المستفيدين من الحوالات المالية في ظل تواطؤ من قبل مليشيا الحوثي المتحكمة بسوق الصرف.
نهب لتحويلات المغتربين
الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، وفيق صالح، نفى وجود أي تحسن حقيقي لسعر الصرف في مناطق سيطرة الحوثيين، مشيراً إلى أن ما يحدث هو نهباً منظماً لتحويلات المغتربين ومدخرات المواطنين من العملة الصعبة.
وقال في حسابه على تويتر: "أستغرب من البعض حين ينشر بأن هناك تحسن في سعر الصرف في مناطق سيطرة الحوثيين، مستدلا بتراجع قيمة الريال السعودي والدولار ... أمام الطبعة القديم من الريال".
وأضاف مستغرباً: "يتحدثون بثقة مطلقة وكأن هناك قواعد حقيقية لاقتصاد السوق الحر وسوق مصرفية تتوفر فيها عملية الطلب والعرض!".
وأوضح أن "ما يحدث هو نهب منظم لتحويلات المغتربين ومدخرات المواطنين من العملة الصعبة، وصرفها بالريال اليمني، بسعر أقل من سعرها الحقيقي".
واستدل "صالح"، بالارتفاع المستمر لأسعار السلع والمواد الغذائية في ظل تلاشي القدرة الشرائية لدى السكان بفعل ارتفاع نسبة التضخم وتآكل القيمة الشرائية للعملة.
يُشار إلى أن تقريرا أمميا حديثا، أكد ارتفاع الأسعار في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي بشكل كبير خلال العام الماضي على الرغم من الاستقرار الصوري لأسعار الصرف.