اب بوست-متابعات
خلال العقد الماضي، تحمّل الأطفال اليمنيون العبء الأكبر من الدمار والعنف والجوع الذي تسبب فيه المسلحون الحوثيون. وتشير تقارير برنامج الأغذية العالمي إلى أن ما يقرب من نصف أطفال اليمن الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات – حوالي 2.2 مليون طفل – يعانون من سوء التغذية الحاد.
والأمر الذي لا يعلمه الكثيرون، ولكنه مدمر بالقدر ذاته، هو أن المسلحين الحوثيين استهدفوا الأطفال بشكل مباشر بالمعلومات الطبية المغلوطة، مما أدى إلى منع الممارسات الصحية الأساسية وتعريض حياة الصغار للخطر.
شلل الأطفال والمعلومات المضللة: مزيج مميت
يواصل المسلحون الحوثيون عرقلة حملات التطعيم المنقذة للأرواح ضد شلل الأطفال، واصفين إياها بـ “المؤامرة الدولية”. إن ادعاء الحوثيين خاطئ بالطبع. فالطب الحديث ينقذ الأرواح. وفي الواقع، جاء التطعيم ضد شلل الأطفال – وهو مقدمة اللقاحات الحديثة – إلى أوروبا من الإمبراطورية العثمانية، التي شملت أجزاء من اليمن الحالي. إن الهجوم الحوثي على اللقاحات يتجاهل عن عمد التاريخ المشرف للعالم الإسلامي في مجالي العلوم والطب والذي يبعث على الفخر.
هذا التضليل قاتل. في العام الماضي، أقامت السلطات الصحية الحوثية فعالية شجبت فيها اللقاحات – وكل الطب الحديث – باعتبارها مؤامرة يهودية لا أساس علمي لها. وزعموا أن اليمنيين لا يمكنهم الحصول على المناعة من الأمراض والحفاظ على صحتهم إلا باتباع تعليمات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وقد كانت عواقب هذا التضليل مأساوية، إذ ينتشر فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث أصيب 178 طفلا منذ عام 2022.
وفي حزيران/يونيو، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن ثلاث حالات جديدة من شلل الأطفال المشتق من اللقاح في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، ليصل إجمالي عدد الحالات في عام 2024 إلى 10 حالات. وجدير بالذكر أن شلل الأطفال يمكن أن يتسبب في إتلاف الجهاز العصبي والدماغ والحبل الشوكي لدى الأطفال ويمكن أن يؤدي إلى الضعف أو الشلل الدائم.
قال الدكتور أرتورو بيسيغان ، رئيس بعثة منظمة الصحة العالمية في اليمن: "الأطفال معرضون بشكل خاص للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل شلل الأطفال والحصبة والسعال الديكي والدفتيريا".
وأضاف: "إن واحدًا من كل [أربعة] أطفال يمنيين لم يتلقوا جميع التطعيمات الموصى بها في جدول التحصين الروتيني الوطني، و17٪ منهم أطفال لم يتلقوا أي تطعيمات، ولم يتلقوا جرعة واحدة من لقاح الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي".
الحاجة إلى التغيير
يُذكر أن اليمن والصومال هما الدولتان الوحيدتان في إقليم شرق المتوسط وفقا لتقسيمات منظمة الصحة العالمية اللتان لا يزال ينتشر فيهما فيروس شلل الأطفال، على الرغم من القضاء على شلل الأطفال تقريبًا على مستوى العالم – حيث انخفض عدد المصابين به بنسبة 99% منذ عام 1988.
إن المعلومات المضللة والحكومات الضعيفة يمكن أن تدمر حياة الناس. أطفال اليمن يستحقون الفرصة نفسها في حياة صحية مثل الأطفال في جميع أنحاء العالم. يجب على الحوثيين التوقف عن نشر المعلومات المضللة والزائفة والعمل على ضمان الوصول إلى اللقاحات المنقذة للأرواح.
المصدر: السفارة الأمريكية لدى بلادنا