اب بوست-متابعات
خليل الشغدري كغيرة، من الشباب المدافعين عن الأرض والعرض، انضم إلى جبهة الدفاع عن منطقته من المليشيات الحوثية بمديرية الرضمة، لكن سرعان ما أخمدت نيران الحرية بتفاهم قبلي لتجنيب المنطقة ويلات الحرب مقابل العفو عن من تمرد من الأحرار على النظام السلالي ومليشياته الحوثية التي تنقض العهد والوعد والميثاق بحقد دفين، وتسعى لكسر بندقية الثورة والجمهورية وإسكات الأقلام والبندقية معاً..
تهجير قسري
خليل صالح أحمد علي (37 عاماً) يروي ما تخفيه المليشيات الحوثية في سجونها، وبأي حال أفرج عنه بعد أن تعرض للإخفاء القسري والتعذيب الممنهج.
يقول خليل، في ديسمبر 2017 طلبت قيادة المليشيات الحوثية مجندين من مديرية الرضمة للقتال في صفوفها، لكن ثمة من المجتمع رفضوا أن يسوقوا أطفالهم إلى الموت، فواجهوهم بالبندقية.
"أن نموت بكرامة أهون من أن نعيش تحت ذل الحوثين". هكذا كان رد نبيل الشغدري ورفاقه عندما حملوا البندقية لمواجهة المليشيات الحوثية. استمرت المواجهة أسبوعاً أو يزيد، لكن مشايخ وأعيان المنطقة أعلنوا اتفاق سلم مع المليشيات مقابل تجنيب المنطقة الحرب والعفو عن المقاتلين وأطفالهم.
غادر خليل البيل المنطقة قسراً صوب مأرب للبحث عن فرصة عمل، وترك خلفه أسرته على ذمة اتفاق السلم الاجتماعي مع المليشيات الحوثية.. لكن بعد أشهر، وأثناء عودته إلى منزله، تعرض للاختطاف والإخفاء القسري لأكثر من عام.
عام من الغياب القسري
في 9 سبتمبر/ أيلول 2018، وهو في طريقة إلى منزله احتجزته نقطة المليشيات بمنطقة رداع، وغاب في سجنها مع تعذيب وحشي.
"الحوثي لا يعرف عهداً ولا ميثاقاً، كغيره من الجماعات الإرهابية". يقول خليل: "تم أخذي من نقطة التفتيش بمدينة رداع إلى السجن المركزي بمحافظة إب، وغبت عاماً كاملاً عن الأسرة، وعدت إليهم على كرسي متحرك إثر التعذيب اليومي لمدة 4-5 أشهر، فقد جسدي الجهاز العصبي وتلاشت عضلات الجسم بالكامل، حتى أصبت بشلل رباعي".
365 يوماً في دهاليز السجن والإخفاء القسري مع أبشع أنواع التعذيب
بصوت مشحون بالقهر والدموع، يقول خليل: "تم نتف أظفار يدي وقدميّ، وصعقي بالكهرباء في الرأس والصدر والأطراف لساعات".
كان يغمى عليه لساعات بعد تعذيب استمر قرابة أربعة أشهر حتى بدأ بعدها يفقد السيطرة على أطرافه يوماً بعد آخر، ثم تركوه بعد تلك الورش من التعذيب والصعق بالكهرباء المتكررة في إحدى الزنازين الانفرادية المظلمة يصارع الموت بصمت وكل يوم وهو يذبل من أطرافه عضو بعد آخر، ورغم مناشدة السجناء للسجان، بأن انقذوا السجين جميل أو اعطوه دواءً. إنه يموت داخل تلك الزنزانة. لكن دون جدوى..! وكان أقصى ما يرد سجان مليشيات الحوثي: "دعوه يموت، لا شأن لكم به".
قال جميل، وهو يجهش بالبكاء، وعندما أدرك الحوثيون بأني صرت مشلولاً لا أستطيع حمل أقدامي داخل تلك الزنزانة المظلمة، استدعوا أسرتي وإخواني لاستلامي معاقاً مشلولاً، لم أعد أستطيع المشي على قدميّ، أو حمل أصغر قنينة ماء.
معاناة مستمرة
"لا وجود لي. إنني ميت، عاجز عن القيام بأي شيء"، أفرجت مليشيات الحوثي عن المختطف خليل في سبتمبر 2019 وهو بحالة يرثى لها مشلولاً على كرسي متحرك عاجزاً عن إعالة أطفاله الأربعة: إبراهيم وشوري وسارة وأيهم.
استقبلته الأسرة وقت خروجه بفرحة منكسرة عندما شاهدته وهو غير قادر على الحركة، واختلطت دموع الحزن والفرح، ولكن الحزن أكبر مما يتصور.
وبعد أن أعاقته مليشيات الحوثي وتسببت بإصابته بالشلل، أجبرته وأسرته على ترك المنطقة والنزوح إلى مخيمات النازحين بمدينة مأرب الخاضعة لسيطرة الحكومة.
بحزن، يضيف خليل: بدأت المعاناة منذ اختفائي القسري في سجون المليشيات وحتى الآن وأسرتي وأطفالي نفتقد لأبسط مقومات الحياة، وأنا غير قادر على العمل، وعاجز عن توفير بطاريات للكرسي المتحرك وتكاليف العلاج.
مناشدة
برسالة خطية أطلقها المختطَف السابق إلى محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، والخلية الإنسانية للمقاومة الوطنية، للنظر إلى وضعه المأساوي الصحي والاقتصادي والاجتماعي، ومعاناة النزوح والشرد، نتيجة التهجير القسري من قبل المليشيات، آل به الحال إلى الاستقرار بمخيم الجفينة للنازحين بمأرب.