اب بوست-خاص
تناول تقرير بحثي نشر مؤخراً، تفاصيل جديدة عن طريقة تحكم إيران بفرع تنظيم القاعدة في اليمن، عبر قيادي كبير في التنظيم الدولي يتواجد على أراضيها.
التفاصيل التي أوردها التقرير، متعلقة، بالقيادي البارز والمثير للجدل، سيف العدل، (محمد صلاح الدين زيدان)، وهو ضابط سابق في الجيش المصري وخبير متفجرات وأحد من يُعرفون بـ"الأفغان العرب"، نما في منتصف تسعينيات القرن الماضي حين أصبح رئيس اللجنة الأمنية لتنظيم القاعدة وأحد المشرفين على عمليات التنظيم الخارجية، وكان ضمن الدائرة الضيقة التي اطّلعت على مخطط هجمات 11 سبتمبر.
وزاد الحديث عن العدل مؤخراً، كونه المرشح في خلافة زعيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي أعلنت واشنطن تمكنها من قتله في أفغانستان قبل ستة أشهر، إلا أن التنظيم لم يؤكد بعد مقتل زعيمه الظواهري حتى الآن.
التقرير الذي أصدره مركز صنعاء للدراسات، ونشره في موقعه الرسمي، ركز على صلات الرجل بفرع تنظيم القاعدة في اليمن، والذي امتد إلى سوريا، وكشف مدى التحكم الإيراني بفرع التنظيم في اليمن، والذي له تنسيق وتخادم واضح هو الآخر مع مليشيا الحوثي، كشفته عمليات مختلفة بين التنظيمين الإرهابيين منها تبادل للأسرى وإطلاق سجناء.
ويبدو أن إيران استغلت التواجد المبكر للعدل وهو من أصل مصري، في أراضيها لتنسيق العمليات الإرهابية في اليمن، وصولاً للتحكم بفرع التنظيم.
وتقول معلومات التقرير، إن العدل كان قد اقترح على طهران ضرورة انتقاله إلى اليمن، وفي العام 2020 نسّق عملياته مع الإيرانيين في محافظتي المهرة وحضرموت اليمنيتين.
وعلى الرغم من أن مقترح العدل قوبل برفض قاطع من مسؤولي الحرس الثوري الإيراني، خشية أن ينتزع استقلاله الذاتي بمجرد خروجه من تحت أيديهم، إلا أنه كان قد بدأ في إعطاء المشورة لقيادة القاعدة في اليمن في العام 2008، خاصة في ما يتعلق بالعمليات الخارجية.
وذكر أن القيادي في تنظيم القاعدة باليمن، ناصر الوحيشي، استشار العدل، في عمليات شنها الفرع، مثل محاولة اغتيال نائب وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف عام 2009، وعملية التفجير الفاشلة لطائرة ركاب أمريكية في العام نفسه.
ويأتي ذلك في إطار العلاقة التي ربطت فرع تنظيم القاعدة بإيران، والذي يبدو أنها تتمحور حول العدل الذي فضل البقاء فيها، عند محاولة إخراجه منها.
حيث قال إنه عقب الاجتياح الأمريكي لأفغانستان، تولى سيف العدل مسؤولية استقبال القيادات الجهادية في إيران وترتيب إقامتها هناك، وتطور ذلك إلى اتفاق رسمي مع الحرس الثوري الإيراني يتيح توفير ملاذ آمن للقيادات الجهادية داخل الأراضي الإيرانية، مقابل تنسيق الجهود لاستهداف الولايات المتحدة بعد غزوها العراق.
ووفقاً للتقرير فإن الجانب الإيراني تراجع عن الاتفاق مع التنظيم إثر ضغوط أمريكية وسعودية كبيرة؛ ليعتقل عددا كبيرا من القيادات الجهادية الرفيعة، بمن فيهم زعيم فرع تنظيم القاعدة في اليمن الأسبق ناصر الوحيشي، وأيضا سيف العدل، الذي وُضع قيد الإقامة الجبرية مع أنه حظي بمعاملة خاصة.
وقال إن الوحيشي، الذي سلمته طهران لصنعاء حينها، هو من اقترح اختطاف الملحق الثقافي الإيراني في صنعاء، نور أحمد نكباخت عام 2013، وبموافقة زعيم التنظيم -حينها -أيمن الظواهري نُفذت العملية.
وعلى مدى عامين تفاوض التنظيم مع طهران على صفقة تبادل أسرى، جرى التوصل لها في مارس 2015؛ إذ وافقت إيران على إطلاق خمسة من كبار قيادات التنظيم، بمن فيهم سيف العدل، مقابل تسليم الدبلوماسي الإيراني.
ووفق التقرير فإن القادة الجهاديين وصلوا المناطق الحدودية مع أفغانستان لتنفيذ الصفقة، لكن سيف العدل فاجأهم برغبته البقاء في إيران وحصوله على دعم الإيرانيين لمواصلة تنظيم عمليات ضد المصالح الغربية.
وقال إنه بعد مقتل زعيم فرع تنظيم القاعدة باليمن ناصر الوحيشي بطائرة مسيّرة أمريكية في مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، عقب صفقة التبادل بأربعة أشهر، تولى زعامة التنظيم قاسم الريمي، الذي تولى خلال مرحلة عاصفة من الأزمات الداخلية والتهديدات الخارجية.
وتابع "بأن الريمي تقارب مع سيف العدل نظرا لتشابه الخبرة التاريخية الكبير بين الرجلين، فكل منهما كان مسؤولا عسكريا في التنظيم، وتولى تنسيق العمليات الخارجية والمهام الأمنية".
وأفاد أن أول اتصال مباشر بين الريمي والعدل بدأ مطلع عام 2016، حين أوفد الريمي أحد أخلص رجاله "رشيد الصنعاني" وبحوزته مبالغ نقدية كبيرة نُهبت من مدينة المكلا إلى منطقة نائية على أحد السواحل الإيرانية، وهناك التقى الصنعاني وأربعة من مرافقيه بسيف العدل بحضور ضباط من الحرس الثوري الإيراني.
وتوثقت علاقة الطرفين حين أمر سيف العدل باصطحاب نجله إلى اليمن، الذي مُنح عدة ألقاب منها "ابن المدني" و"محمد الحضرمي"، وظل دور الأخير ينمو إلى أن أصبح قناة الاتصال بين سيف العدل وبين تنظيم اليمن.
وبحسب التقرير فإن سيف العدل اعتمد على الدعم المقدم له من الفرع اليمني لتعزيز نفوذه المباشر في سوريا، وفي عام 2018 فتح قناة بين عمار الصنعاني المقيم في اليمن وأبو بلال الصنعاني زعيم "حراس الدين" المقيم في سوريا من أجل تحويل الأموال ونقل المقاتلين من اليمن إلى سوريا.
واستمر التنسيق عبر هذه القناة حتى العام 2020، حين قُتل أبو بلال الصنعاني بغارة جوية في سوريا.