اب بوست-متابعات
توجُّه جديد لمليشيا الحوثي يستهدف هذه المرَّة المتسوِّلين والمشرَّدين، الذين باتت تعجّ بهم مناطق سيطرتها، وذلك عبر تجميعهم في مراكز استهداف "صيفية"؛ بهدف استقطابهم والزج بهم إلى جبهات القتال.
تزامن ذلك مع إحصائيات تؤكد ازدياد أعداد المتسوِّلين في صنعاء وبقية مناطق سيطرة المليشيا، حيث باتت الظاهرة من أكثر الظواهر الاجتماعية توسعاً وانتشاراً في تلك المناطق؛ بسبب ظروف الجوع وانقطاع سُبل العيش، وتوقف صرف الرواتب خلال الحرب.
وفي حين لم تستثنِ المليشيا أي فئة أو شريحة مجتمعية إلا وأجبرتها على المشاركة في المعسكرات الصيفية، ذهبت لاستقطاب المئات من المتسوِّلين بعد أن اتخذت إجراءات استهدافية بحق المعدَمين في صنعاء وغيرها، تحت مزاعم تخصيص برامج «لمعالجة ظاهرة التسوُّل».
تحرُكات ميدانية
وبحسب مصادر قريبة من مليشيا الحوثي، فقد أقرَّت الجماعة القيام بتحرّكات ميدانية للجان التي جرى تشكيلها من قطاعي التعليم الفني والداخلية "الخاضعتين لسيطرة المليشيا"، وذلك رفقة مسلحين وعربات تستهدف مئات الفقراء والمعوزين في شوارع العاصمة اليمنية، ومدن أخرى.
ويهدف المخطط الحوثي إلى استهداف جموع المتسوِّلين لاحتجازهم، ومن ثم تجميعهم في مراكز «صيفية» لإخضاعهم لدورات طائفية وعسكرية.
وبفعل تصاعد أعداد المتسوِّلين في شوارع صنعاء وغيرها؛ نتيجة انقطاع الرواتب وشدة الفقر وشح الأعمال، وفقدان الوظائف الحكومية والخاصة، وجدت الجماعة الحوثية في هذه الفئة مدخلاً لرفد جبهاتها بعناصر جدد، وللحصول على مزيد من الأموال، التي توظفها لمصلحة مشرفيها ومجهودها الحربي، وأتباعها الطائفيين.
مبررات واهية
وبحسب ما أوردته وكالة "سبأ"، الخاضعة لسيطرة المليشيا، فقد تم توقيع اتفاقية بين كل من وزارة التعليم الفني، والتدريب المهني، وبرنامج مكافحة التسوّل، وذلك لبدء تأهيل 1440 متسولاً في المعاهد التابعة للوزارة الحوثية، وتحت إشراف ما يسمى "برنامج معالجة التسول".
وتنص الاتفاقية، التي وقّعتها أطراف حوثية، بتمويل من هيئتي الزكاة والأوقاف الحوثيتين، المستحدثة بعيداً عن المنظمات المحلية أو الدولية المعنية، على ما يسمى «إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للمتسوِّلين بعد تجميعهم واستيعابهم في مراكز إيواء، ومن ثم إخضاعهم لسلسلة برامج تستمر فترة 6 أشهر»، على حد قولها.
وتأتي هذه الممارسات بحق المتسوِّلين بعد أن قامت المليشيا، خلال الفترات الماضية، بإجبار المتسولين على دفع نسبة 20 في المائة مما يجمعونه يومياً من أموال لصالحها، مقابل السماح لهم بالاستمرار في التسوّل.
ولعلَّ أبرز الأسباب التي دفعت المليشيا إلى استقطاب المتسوّلين -بحسب متابعين- هو تعويض النقص البشري في جبهاتها، ومدها بمقاتلين جدد، من جهة.
ويأتي الاستهداف الانقلابي للمتسوّلين في وقت لم تعد فيه ظاهرة التسوّل في صنعاء ومناطق أخرى، تحت سيطرة المليشيا، أمراً خارجاً عن المألوف بعد سنوات من الانقلاب، بل أصبحت مشهداً عادياً أن يطلب منكَ الناس المساعدة، من كلِّ الفئات والطبقات والأعمار.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة آلاف المتسولين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، حيث سبق لها أن نفذت، في سنوات ماضية، مخططات عدة طالت المتسولين بالاستغلال والاستقطاب والتجنيد، بناءً على توجيهات من زعيمها.
وكانت المليشيا قد عملت، على مدى تسع سنوات ماضية، على إفقار اليمنيين بشكل متعمَّد بإيقافها الرواتب، ونهبها موارد البلاد، وتوجيه الأموال لإثراء أفرادها، وتمويل موازنتها العسكرية؛ ما تسبب في اتساع دائرة الفقر.
الشرق الأوسط