اب بوست-متابعات
تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية، اعتداءاتها على مساجد محافظة إب الواقعة وسط البلاد، في حرب مستمرة تشنها المليشيا منذ سيطرتها على المحافظة في خريف 2014م، غير أنها في السنوات والأشهر الأخيرة كثفت من اعتداءاتها تلك ضمن خطط ممنهجة للسيطرة على كامل مساجد المحافظة وتحويلها إلى منابر ومراكز لنشر الطائفية والكراهية والعنف في المجتمع المسالم.
وطوال السنوات الماضية فشلت المليشيا في تغيير قناعات المجتمع في المحافظة ذات الكثافة السكانية، غير أنها لم تفتأ تواصل مساعيها لإحداث أي اختراق، عبر تحويل منابر الخطب والوعظ إلى منصات لنشر مشروعها القائم على العنف والإرهاب وإلغاء الآخر، وسط ممانعة شعبية كبيرة.
اعتداءات المليشيا ترتفع وتيرتها خلال شهر رمضان المبارك من كل عام، حيث تعمد المليشيا إلى محاولة التضييق على المصلين في صلاة التراويح وخاصة مصليات النساء التي أغلقت العشرات منها ومنعت الصلاة فيها، فضلاً عن تحويل تلك المساجد إلى أماكن لتناول القات والاستماع إلى خطابات زعيم المليشيا المتلفزة.
حرب المليشيا على المساجد في إب لم تقتصر على منع الصلوات فيها ومحاولة فرض أفكار طائفية، بل تعدت إلى السطو على المساجد وتحويلها إلى مساكن خاصة كما هو الحال في مسجد الضياء الذي تم تحويل الملحق النسوي فيه إلى سكن قيادي حوثي، أمس الأول، وقبله بأيام مسجد عمر بن عبدالعزيز الذي أقدم قيادي حوثي يُدعى "إبراهيم الشامي" على ضم بعضاً من ملاحقه إلى سكنه الذي سبق وأن استولى عليه بالقوة وحوله لسكن خاص به.
أحلام السيطرة
مطلع مارس الجاري، علم "يمن شباب نت"، من مصادر مطلعة أن مليشيا الحوثي الإرهابية، تعتزم استكمال سيطرتها على مساجد مدينة إب ومراكز مديريات المحافظة بالتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك.
وقالت المصادر لـ "يمن شباب نت"، إن قيادات حوثية من صعدة وصنعاء قدمت إلى محافظة إب، والتقت بمشرفي المليشيا في المديريات، ووجهتهم بالسيطرة على منابر الخطابة في المساجد الرئيسية بمركز المحافظة ومراكز المديريات وتنصيب أنفسهم خطباء في تلك المساجد والسيطرة على مساكن الائمة وتحويلها إلى مساكن خاصة بهم.
وأشارت المصادر إلى أن مشرفي الجماعة في المحافظة، تم إرسالهم ـ عقب اللقاء آنف الذكر ـ إلى صعدة لإخضاعهم لدورات مكثفة قبيل تكليفهم بمهمة السيطرة على المساجد والخطابة فيها.
جاء ذلك في الوقت الذي تشكو المليشيا من غياب الحاضنة الشعبية لها في المحافظة ذات الكثافة السكانية، وترى أن السيطرة على المساجد ومنابر الخطابة من شأنها أن تغير أفكار الناس وتخضعهم لمشروعها.
استهداف السلفيين
خلال الأشهر الماضية، شددت مليشيا الحوثي من هجماتها على التيار السلفي في محافظة إب، وواصلت تجريدهم من مؤسساتهم وأعمالهم ومراكزهم والمساجد التي يقومون عليها، بعد سنوات من التفاهمات بين الجانبين.
ففي التاسع من فبراير الماضي، اقتحمت مليشيا الحوثي مسجد الفاروق التابع للتيار السلفي في منطقة أبلان بمدينة إب، ضمن مسلسل جديد طال عدد من مساجد التيار في المحافظة.
وبحسب مصادر حقوقية فإن القيادي الحوثي "أحمد العصري" اقتحم مسجد الفاروق، مع عشرات من المسلحين التابعين له، وطرد القائمين عليه بالقوة، وأحل بدلاً عنهم موالين للجماعة.
وسبق السيطرة على مسجد الفاروق، الاستيلاء على مسجد ومركز التوحيد في منطقة المعاين، وطرد المئات من الطلاب فيه، وفتحت مدرسة داخلية طائفية بداخله، وسبق ذلك تجريد التيار من الخطابة في أهم مساجدهم معظم أسابيع الشهر، وهو الامر الذي دفع ببعض المشايخ الخروج عن صمتهم المعهود والحديث من على المنابر عن سلسلة المضايقات التي يتعرضون لها.
وفي هذا السياق يرى الحقوقي (عرفان حمران)، أن ما يتعرض له التيار السلفي في الآونة الأخيرة امتداد لنهج مليشياوي إقصائي لا يؤمن بالآخر ولا بالتنوع الثقافي والفكري والإيدلوجي.
وأوضح في حديث لـ "يمن شباب نت"، أن ماجري ويجري كان أمراً متوقعاً من مليشيا ترى أي كيان آخر يمثل تهديدا وجوديا لها طالما وهذا الآخر لا يؤمن بأفكاره ومشروعه الطائفي حتى وإن التزم الصمت والحياد.
وذكر أن المضايقات التي يتعرض لها التيار السلفي حلقة من سلسلة انتهاكات طالت التيارات السياسية والفكرية في المحافظة ابتداءً من حزب الإصلاح والمؤتمر وجماعة التبليغ والاستيلاء على مساجدهم ومراكزهم ومؤسساتهم.
وأشار "حمران" إلى نكث المليشيا بالعهود والاتفاقات التي تبرمها مع المكونات والتيارات، كما هو الحال مع التيار السلفي التي ظلت على توافق معهم مع طوال سنوات قبل أن تنقلب عليهم في مشهد ينم عن عقلية وسلوك إقصائي بنفس طائفي بحت.
تمكين المتطرفين
في الوقت الذي أعلنت مليشيا الحوثي الإرهابية حربها على المساجد وطاردت واختطفت عشرات الأئمة والخطباء من تيارات الوسطية والاعتدال، ذهبت في مسلك صادم إلى احتواء عدد من المتطرفين وتمكينهم في عدد من المساجد في مركز المحافظة وعدد من مديرياتها.
وذكر مصدر مطلع لـ "يمن شباب نت"، أن مليشيا الحوثي عمدت خلال الفترة الماضية إلى تمكين عدد من القيادات المتطرفة في تنظيم القاعدة في مناصب بمكتب الإرشاد وهيئة الإفتاء والخطابة والإمامة في المحافظة.
وأضاف ـ مفضلاً عدم الكشف عن اسمه ـ أن مليشيا الحوثي سلمت مسجد الرشيد في منطقة السبل لقيادي سابق في تنظيم القاعدة يُدعى "رشاد أحمد سعيد"، كما قامت بتسليم إمامة مسجد البر لقيادي سابق في تنظيم القاعدة وخبير متفجرات يُدعى يُدعى "ميمون فيروز" إضافة إلى مديراً للإرشاد في مديرية المشنة.
وأشار إلى أن المليشيا أفرجت عن عدد كبير من عناصر التنظيم الذين كانوا معتقلين في سجن الأمن السياسي، وأوكلت لبعضهم مهام معلنة وغير معلنة ضمن مشروع تخادم بين تياري التطرف.
ولعل ذلك يفسر جزء مما تذهب إليه الحكومة الشرعية وتعلنه في أكثر من مناسبة مشفوعاً ببراهين ووقائع ميدانية، عن وجود تخادم وتنسيق بين مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة برعاية النظام الإيراني.
2023م سجل حافل بالاعتداءات
شهد العام الماضي انتهاكات واسعة طالت العديد من المساجد في مركز المحافظة وعدد من مديرياتها، من قبل مكتب الإرشاد في المليشيا أو عبر قيادات ميدانية.
ووثق "يمن شباب نت" عدد من الاعتداءات الحوثية على المساجد والاستيلاء عليها بالقوة نوردها وفقاً للتسلسل الزمني لتلك الأحداث.
ـ في أواخر أكتوبر 2023 شكا الشيخ السلفي "شايف الخطيب" الذي يدير مركز لتعليم القرآن في منطقة السبل غرب مدينة إب، بحرقة من تسلط مليشيا الحوثي على منبر الجمعة في المسجد الذي يشرف عليه ومحاولة السطو على مركزه، بعد سلسلة مضايقات ومنعه من الخطبة.
ـ في منتصف أكتوبر افتتحت مليشيا الحوثي الإرهابية مدرسة طائفية داخلية في الجامع الكبير بمدينة إب القديمة، لتلقين الأطفال الأفكار الطائفية، وسمتها باسم مدرسة "الشافعي" في محاولة لتضليل أولياء أمور الطلاب عن طبيعة المدرسة الداخلية، ووفقا لمصادر "يمن شباب نت"، فإن المدرسة تهتم بتعليم العلوم الشرعية وفق المعتقدات الشيعية على غرار المدرسة الداخلية في جامع الملكة أروى بجبلة ومدارس أخرى في صنعاء وصعدة وذمار وحجة.
ـ في منتصف سبتمبر اقتحم مسلحون حوثيون يتبعون نائب مدير الأوقاف في سلطات مليشيا الحوثي بمحافظة إب المدعو (عبد الإله ذمران) مسجد النور في المدينة القديمة بمديرية المشنة وسطوا على ملاحقه، وحولوا غرف الجامع إلى سكن ومكان لتناول القات.
ـ في مطلع سبتمبر قام نافذ حوثي يُدعى "محمد علي حمود آل طه" بهدم جدار حماية مسجد الدعوة الكائن بمفرق حبيش، بمديرية المخادر، شمالي إب، ما تسبب بأضرار في محراب المسجد، وذلك بغرض ضم المساحة إلى باحة منزله في ظل تواطؤ الجهات المعنية التابعة للمليشيا.
ـ في منتصف أغسطس قام عنصر حوث يُدعى "عبدالسلام الأنباري" بتحويل سطح جامع القاضي بمدينة جبلة إلى ملحق لسكنه، حيث قام ببناء حمام ومطبخ في سطح الجامع الذي يعود تشييده إلى عهد الدولة الصليحية، كما اقتطع جزءا من بوابته والدرج المؤدي إلى السطح الذي حول جزءاً منه إلى مكان لنشر غسيل الملابس.
ـ خلال الفترة من 27 مايو ـ 22 أبريل ارتكبت مليشيا الحوثي سلسلة انتهاكات واسعة في مسجد التوحيد بمنطقة المعاين شمال مدينة إب، حيث قامت باقتحام المسجد أكثر من مرة وتغيير إمامه وخطيبه وطرد 400 طالب من السكن الداخلي والاستيلاء على مركز التحفيظ وتحويله إلى مدرسة داخلية طائفية، والسطو على سكن الإمام والخطيب "صلاح مطهر الصديق"، واختطافه مع عدد من الطلاب واقتيادهم إلى جهة مجهولة.
ـ مطلع فبراير قام مجهولون بحفريات وأنفاق في حرم مسجد قرية الحديده في بني شمسان بمديرية المخادر، شمالي إب، وتحت أساساته بحثا عن "كنوز مزعومة" للمرة الثالثة على التوالي، وسط صمت من الجهات المعنية التابعة للحوثيين رغم مناشدات الأهالي.
يمن شباب نت