نشوان النظاري-خاص
وحيدة شريدة تقف إب دهورا وأزمان في مواجهة التجريف والسلب والنهب والبسط على أراضيها ومقدراتها بلا أدنى مقاومة. تتعرض مدينة ومحافظة برمتها إلى استباحة فاحشة متوارثة على مدى الأنظمة المتعاقبة، لتتحول واحدة من أجمل مدائن الأرض رونقا وبهاء إلى كتلة خرسانية صماء بلا حدائق أو متنزهات وأماكن عامة.
طال العبث الممنهج وسطوة النفوذ والاستقواء بمراكز القرار جبالها وتلالها حتى ضاقت بأهلها وشابها التشوه المعماري والعشوائية المفرطة. تُوزع مساحات شاسعة وحساسة من أراضيها للقادمين من العدم على هيئة هبات وغنائم ومجاملات وصرفيات ومصدرا خفيا للثراء المطلق والكسب السريع والفاحش.
تتجاوز إب كل خطوط المناطقية والجهوية والمذهبية وتنتهج المسار المدني وثقافة التعايش الآمن والسلام الدائم، لتصبح في لحظة تاريخية مفصلية حضن دافئ لكل أبناء الوطن، ووطن كبير يتسع للجميع دون أي استثناءات، حتى أنها تتكيف مع كافة الظروف والمعطيات والمتغيرات، وتتواءم بصورة مرنة تفصح عن هوية وطنية تقاوم كل أشكال التصنيفات والعلل الاجتماعية.
انقض فرسان الماضي وجنرالاته وبمنتهى الوضاعة والسفالة على منتزة جبل ربي الشهير، قاموا بتجريد أزهى وابهى إطلالة في المدينة من رونقه وبريقه، سلبوه كبرياء الحضور الشامخ والتهموه بجشع فاقد للأخلاق مساحات الجبل المحيطة والمخصصة للمنتزه، تقاسم القوم الكعكة الشهية وتركوا خلفهم البقايا الشحيحة وكذا أبنية شاهدة على جرم وطني فادح واستباحة أقل ما توصف بالعار الأبدي. ناهيك عن انتهاك جبلي حراثة والمورم، والتباب المطلة والجبال المحاذية للمدينة، بالإضافة إلى كم هائل من الهبات والعطايا المزاجية التي تم توزيعها من أراضي أملاك الدولة وأراضي الأوقاف العامة.
يجري حالياً التحضير لسطو مفتوح عابر للجبال والوديان والأماكن المفتوحة؛ السطو يشمل الجامعات والمكاتب الحكومية وكل شبر ما يزال طليق وحر وفي متناول الدولة والمجتمع كحق عام وملكية وطنية مقدسة، فمن حديقة الحيوان بالمحمول إلى سوق نادي شعب إب، مرورا بمعسكر الأمن المركزي وجامعة إب، ولا يبدو أن لكل هذا العبث نهاية حقيقية ودامغة.
محافظة مترامية الأطراف باتت اشبه بغنيمة حرب وفيد سلم وقطاع مباح للحالمين الجدد بالثروة والسطوة والنفوذ. ثمة متتالية معقدة وغير قابلة للفهم والاستيعاب، إذ تتكرر مآسي التاريخ والجغرافيا بصورة فجة ومهينة ومخيبة للامال. حالة رثة وكسيحة لاستجرار الماضي وإعادة إنتاج النمطية الجوفاء والسردية الهشة الممجوحة بثقافة الاستحواذ والمصادرة. ممارسات خرقاء وتصرفات صادمة لا ترقى لمستوى تصرف رجال دولة وصناع مجد الحاضر.
مغتربون في الخارج وغرباء في الداخل وكل ما نقدمه في سبيل هذا الوطن يذهب سدى، إذ توصم نخب إب بالعمالة والارتزاق والـــ،،،،د ع،،،ـششة،، وعند أول محاولة اعتراض ناعمة بمنشور على حائط الفيس يزج بصاحبها خلف القضبان، وتُكال في حقه ابشع التهم الزائفة، وتظهر الحوالات الوهمية وتُخلق من العدم قائمة إتهام درامية سمجة هزلية منزوعة من كل القيم والأعراف المدنية والقبلية.
لا أدري بالضبط، من يقف خلف كل هذه التصرفات الطائشة، من يخلق كل هذه الفوضى، من المستفيد من تلك الصفقات التي تفضي إلى نتوءات وتصدعات عميقة في جدران الوطن، لمصلحة من يعمل هؤلاء، ولما هذا النهم والسعي الحثيث لإفراغ المدينة من كل ممكنات الصمود والمقاومة. الحقيقية المطلقة والغير قابلة للنقاش أو المساومة أن المدائن الأنيقة تدفع على مر العصور وفي غابر الأزمان ثمن انحيازها المطلق للسلم والمواءمة وجنوحها للسلام والوئام والتعايش الآمن.
من صفحة الكاتب على فيسبوك