اخبار هامة

    العلم الوطني وهراوات الحوثي

    العلم الوطني وهراوات الحوثي

    نشوان النظاري-خاص

     

    أهداني منتصف الأسبوع المنصرم أحد الأصدقاء خاتما مرصعا بالعلم الوطني، كان قد اقتناه من محلات الفهد للذهب والمجوهرات، في الحقيقة ترددت كثيرا في قبول مثل هذه الهدية الثمينة كونها تمثل لغما وشيكا وحالة التباس، وشُبهة أمنية من وجهة نظر النظام الحاكم.


    كدت ارفضها خشية أن لا أقع يوماً تحت طائلة المساءلة، لكني على استحياء قبلتها وجعلتها رهينة الدرج حتى يأذن الله لها بالخروج، فلم نكد نصدق أن الهراوات انحسرت وتلاشت عن كاهل إب وقد خيمت أياما وأسابيع تتجول بنزق وحضور منفلت، وجرفت في طريقها العشرات من البسطاء والطيبين الذين ما يزالون حتى اللحظة خلف القضبان.


    أيام رمادية عصيبة حالكة السواد قضتها مدينة إب، وهي محاصرة حرفيا بهراوات لا حصر لها، تحولت المدينة المغلوب على أمرها إلى ما يشبه حقل ألغام، كان العلم صك إدانة وأداة الجريمة والخطيئة التي لا يمكن أن تُمحى أو تقبل التوبة.


    استنشقت المدينة المسالمة والوادعة رائحة الحرية والحياة، وانزاحت الغمة التي جثمت على صدرها طويلا، وعادت تمارس شغفها في هذا الكوكب لكنها عودة مبتورة كسيرة، ينقصها من غادر للمجهول بلا عودة، من ذهب للبعيد بلا محطات إنتظار أو حتى مجرد تلويحة وداع.


    صمت الجميع، أو لنقل الأغلب، نزولا عند حالة الاحتقان المشتعلة في جذوة الهاجس الأمني، ومر سبتمبر العظيم كدهر وزمن، انتحر أيلول وغادرنا متئبطا حزن الأرض وأوجاع قرون وشيئ من خيبة الأمل وخذلان الأجيال وضمور الفكرة الثورية المتقدة.


    أخشى كذلك أن أدفع ثمن هذه التناولة الجافة، وتكون هي أيضا صك إدانة ودليل عمالة مكتملة الأركان، فثمة تُهم جاهزة ولا تحتاج إلا لضحية، ضحية فقط، لكني بالمقابل ربما ما أزال واقعا تحت تأثير هذيان الحمى التي زارتني خلال الثلاثة الأيام المنصرمة.


    *من صفحة الكاتب على فيسبوك والعنوان من اختيار المحرر

    قد يعجبك ايضا!