اخبار هامة

    سيطرة حوثية على الراديو

    سيطرة حوثية على الراديو

    سلمان الحميدي-متابعات

    أدرت مفتاح الراديو فشدت أذني سيطرة الحوثيين على البث الإذاعي سنة 2018، يومها كتبت مقالا عن ذكرياتي مع الراديو وكنت خجولاً. سينظر إلي الآخرين كشخص تقليدي غير مواكب للتطورات التي يشهدها العالم.. شخص يتشبث بالراديو على طريقة الأجداد.


    لكن العام الماضي صادفت مؤشرا مهما يؤكد أن المذياع يستعيد عافيته ويتسيد عرش وسائل الإعلام التي يتابعها الجمهور الامريكي، فبحسب النتائج التي نقلتها CNBC Arabia  فإن نسبة الوصول الأسبوعي لوسائل الإعلام بين البالغين الأمريكيين سنة 2022 كانت كالتالي: الراديو 91%، التلفزيون 76%، وسائل التواصل الاجتماعي 70%، مقاطع الفيديو 67%، راديو الانترنت 53%، المجلات المطبوعة 52%، الصحف والمجلات الرقمية والكتب الالكترونية 46%، وأخيراً الصحف المطبوعة 35%.


    كان عنوان الانفوجرافيك "الراديو لم يمت".


    لا شك أن هذه النسبة المرتفعة التي حظي بها الراديو، في البلد الذي يقود التقدم في العالم، ويوفر الوسائل المتعددة ويبتكرها لجمهوره الذي يحظى بأحدث الخدمات، تشير إلى شغف الناس بالصوت، إضافة إلى عدم وجود الوقت الكافي للجلوس أمام التلفزيون أو تصفح المحتوى المكتوب.


    هذه الحقيقة يسندها نجاح صناعة "البودكاست" التدوين الصوتي في أمريكا والذي بدأ مشواره سنة 2004.


    في السنوات الأخيرة بدأت هذه الصناعة تنتشر بين صناع المحتوى العرب كما بدأ اليمنيون بصناعة البودكاست أيضا، بعضها بتقنيات أقرب للمحتوى المرئي من المحتوى الصوتي الذي يسهل الوصول إليه ويحفز خيال المستمع، ومع موجة صناعة المحتوى المزدوج (بودكاست يمكن مشاهدته..صوت أو صورة) لتحقيق أرباح من منصتي بودكاست ويوتيوب وغيرها، هناك إغفال تام عن العوامل التي تساهم في نجاح المحتوى، والاستفادة منها لنمو جمهور المستمعين.


    بساطة المحتوى الذي يجعل الجمهور يشعر بأنه يقوده للأفضل.. وسهولة الوصول إليه.. هي من العوامل الأولى التي يعرفها الجميع.. بعدها يتم البناء وفق مؤشرات النجاح والفشل.


    سنة 2018، كتبت: «عشت تجربة مع المذياع، قبل انتشار الهواتف بهذا الشكل الكثيف، كانت الأغاني تسقط من الأوراق الملونة، وكان العشاق يسقطون على ألحفتهم من خيال تلك الأغاني.


    ومن ميزات الراديو، سهولة الإصغاء للرسالة التي يلقيها، هذه المعلومة درسناها أيضًا، المرأة وهي تعجن تسمع، الفلاح وهو يدوس على سكة المحراث ويضرب الثور، الراكب سيارته، الراعي غنمه في الجبل، كلهم يسمعون للراديو لبساطة استخدامه قبل أن نجد شاشات اللمس في كل يد، وتتوه الأصابع بين الخيارات.


    فكرت أن أعيد تجربة تحفيز الخيال، صديق عزيز ألح أن يرسل لي بهدية، نزلت عند رغبته الملحة ليترك لي حق الخيار، كنت متيمًا براديو جدي، وبعد رحيله استحيت أن أطلبه من خالي الذي احتفظ به، لذا طلبت من صديقي راديو».


    أخذ أبي الراديو، وذات يوم من أيام 2018، حصلت فرصة للاستماع إليه، وتفاجئت بأربع محطات إذاعية كلها تتبع مليشيا الحوثي: «تسمع صوتاً ناعمًا لفتاة صلفة تتحدث عن جبهات القتال، وبرامج مفتوحة عن الدروس المستفادة من يوم الغدير، لا يملون من وصف التحالف العربي بالعدوان ويثلبونه بلا هوادة، ولا يكلون من وصف الشرعية بالمرتزقة، أما قرْع طبول الزوامل فتحمس المستمع حتى أنه يتخيل بأنه قادر على الخروج من عرض الجدار، وإذا كانت هناك امرأة تسمع وتعجن فستفتح ثغرة من الصحن الذي تعجن به وتغرس يدها في الأرض مترين من فرط الحماسة».


    يستمع أبي لإذاعة القرآن الكريم، ووطني إف إم، قبل أشهر، تعطل الراديو الـ بانسونيك، الذي طلبته من صديقي قبل ست سنوات، فأخذته لأصلحه.


    عندما عدت إلى البيت، كنت أظن أن الأمر في 2024 قد تغير على ما كان في 2018 وأن الحكومة المعترف بها قد أغلقت المحطات الإذاعية التي تبث سمومها للمستمعين اليمنيين، كما استطاعت الحكومة والأطراف التابعة لها، إطلاق محطات إذاعية احترافية تخاطب المستمعين وخاصة في مناطق سيطرة المليشيا، كانت المفاجأة أن إذاعات الحوثيين قد زادت وبشكل غير متوقع، وبالكاد حصلت على إذاعة وطني إف إم مع إدرار مفتاح المحطة ووصول المؤشر الأحمر إلى الطرف الآخر من الراديو.


    تبث الاذاعات الحوثية محتوى تعبويا أكثر حدية من المحتوى الذي كانت تبثه سنة 2018 وقبلها.


    في خضم الهدوء الذي يظهره الحوثيون مع المملكة العربية السعودية خلال العامين الماضيين في منصة x وبعض التصريحات التلفزيونية، تخاطب المستمع المحلي عبر الراديو بصوت مختلف تماما: تبدو الحكومة المعترف بها والسعودية خلف كل شاردة وواردة وساقطة ولاقطة، ومصطنعة وملفقة: مقتل الحمدي، موت النحل، والرواتب، والمدارس، وعرقلة التنمية، والجرائم الأخلاقية، في البرامج الموجهة للفلاح وربة البيت وراعي الغنم، وبقية المستمعين الأكارم.


    وللعلم، في أمريكا المتقدمة، فإن جمهور الراديو هو الأعلى بين البالغين، أعلى من التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، والمجلات والصحف والانترنت... فكيف سيكون الأمر في اليمن، بلادنا، حيث لا تلفاز، ولا مجلات ولا صحف، ولا انترنت سع الناس..


    هل يوجد معنا إذاعة واحدة قوية، يصل بثها إلى مناطق سيطرة المليشيا؟ أنا ما حصلت..


    المصدر: يمن شباب نت

    قد يعجبك ايضا!