اخبار هامة

    منظمة حقوقية:استمرار محاكمة المياحي في محكمة استثنائية يكرّس استهداف الصحافة

    منظمة حقوقية:استمرار محاكمة المياحي في محكمة استثنائية يكرّس استهداف الصحافة

    اب بوست-متابعة خاصة

    قالت منظمة سام للحقوق والحريات إنها تتابع بقلق بالغ استمرار محاكمة الصحفي اليمني محمد المياحي أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، مؤكدة أن ما جرى في جلسة المحاكمة الأخيرة يكشف عن تجاوزات قانونية غير مقبولة وممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية التي كفلها القانون اليمني والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.


    وأشارت المنظمة إلى أن إحضار الصحفي محمد المياحي مكبلًا بقيوده، ومثوله واقفًا خلف القضبان، بحسب ما أورده "عمار علي ياسين" محامي المعتقل، يشكل انتهاكًا لكرامته الإنسانية، وتجاوزًا صريحًا لما تنص عليه القوانين الوطنية، لا سيما قانون الإجراءات الجزائية اليمني، الذي يحظر المعاملة الحاطة بالكرامة، ويشدد على احترام حقوق المتهمين أثناء المحاكمات.


    في تصريح خاص لمنظمة سام،أفاد المحامي عمار علي ياسين، بأن القضية المرفوعة ضد موكله الصحفي محمد المياحي تُجرى في محكمة أمن الدولة، والتي تعد محكمة استثنائية، وعليها ملاحظات كثيرة، كما لفت إلى وجود مطالبات دولية ومحلية بإلغائها، مذكراً بأن الحوثيين أنفسهم كانوا في السابق الأكثر مطالبة بإغلاق هذه المحكمة.


    وشدد المحامي ياسين على أن التهمة الموجهة لمحمد أساساً متعلقة بعمله الصحفي، وأن السلطات مُقرّة بأنه صحفي. وبيّن أن الخلاف الوحيد الذي جعل القضية تُحال إلى محكمة أمن الدولة أو المحكمة الجزائية المتخصصة هو زعمهم أنه لا يُمكن أن يُطلق عليه صحفي ما دام "دول العدوان أو المناهضون للحوثيين هم من ينشرون له".


    وأكد المحامي أنهم قدموا دفوعاً بعدم اختصاص المحكمة، إضافة إلى دفوع ببطلان إجراءات النيابة وقرار الاتهام. وبرر ذلك بأن جميع الإجراءات التي سبقت قرار الاتهام كانت مخالفة للقانون والدستور اليمني، مشيراً إلى أمثلة مثل طريقة الاعتقال، وعدم وجود إذن نيابة بالتفتيش، وتأخر إحالته للنيابة لأكثر من 24 ساعة. وذكر أن جهة الضبط التي قامت بهذه الإجراءات تسمى "استخبارات الشرطة"، وهو جهاز جديد تم إنشاؤه مؤخراً.


    كما ذكر المحامي أن محمد صحفي ومقيم في اليمن ويعرف أن قانون الصحافة لا يزال سارياً، وكذلك محكمة الصحافة ونيابة الصحافة. وتساءل عن سبب إنشاء هذه الجهات المتخصصة إذا كان الصحفيون سيُحاكمون أمام محاكم أمن الدولة. وأوضح أن النيابة تتحجج بأن منشورات محمد "تضر بأمن البلد واستقرارها وتحض على العنف والكراهية وتكدر الأمن العام"، وتعتبر هذه "جرائم تمس أمن الدولة"، لكنه أكد ردهم على ذلك بأن قانون الصحافة اليمني نفسه، عند إنشائه، سعى المشرع إلى منع ربط عمل الصحفي بأمن الدولة، حيث نص القانون على الجرائم التي تمس بأمن الدولة إذا ارتكبها الصحفي، مثل الدعوة للعنف أو الإرهاب أو المساس برئيس الدولة، وحدد لها عقوبة قصوى لا تتجاوز سنة كاملة. ولفت إلى أن قانون الصحافة قد تنبه لهذا الأمر، وشدد على أن "يحاكم الصحفي وفقاً لقانون الصحافة وفي محكمة الصحافة وفي نيابة الصحافة"، محدداً العقوبة القصوى لمثل هذه التهم المتعلقة بعمل الصحفي والنشر.


    وفي سياق المحاكمة، أفاد المحامي بأن النيابة لا تزال مصرة، رغم أنها كانت قد قررت في البداية عدم الاختصاص ثم تراجعت عن قرارها "بسبب ضغوط لا نعلم ما سببها". وأكد أنهم بعد إحالة القضية للمحكمة، قدموا دفعاً بعدم الاختصاص منذ الجلسة الأولى، وطالبوا أيضاً بالإفراج عن محمد المياحي.


    وشدد على أن الإفراج عن محمد وجوبي بموجب قانون الصحافة، كونه أمضى أكثر من نصف الحد الأقصى للعقوبة، حيث أكمل ثمانية أشهر في الحبس، بينما الأصل أنه لا يجوز مد حبسه لأكثر من ستة أشهر. وذكر أن المحكمة أرجأت الفصل في الدفوع والطلبات لحين ورود رد النيابة.


    كما لفت إلى أنه في الجلسة الأخيرة، عندما وُوجه محمد بالاتهامات، لم تستطع النيابة حتى فهم ما يقول. وأعطى مثالاً عندما سُئل عن موقفه من أنصار الله أو الدولة، فأجاب بأنه "لست مهتماً بأي حزب سياسي أو فصيل سياسي يمارس أعمال سياسية"، فظنت النيابة أنه غير معترف. وقال المحامي إنهم أوضحوا للنيابة أنها لا تفهم حتى لغة الرجل كونه صحفياً، ولهذا يطالبون بتحويل القضية إلى نيابة الصحافة لأنهم "لا يستطيعون فهم لغة الصحفي ولا المعنى والمقصود من كلامه وعباراته ومنشوراته".


    ولفتت “سام” إلى أن مذكرة الاتهام التي قدمتها النيابة العامة تضمنت ادعاءات فضفاضة وغير منضبطة، إذ حملت منشورات الصحفي المياحي مسؤولية الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمر بها البلاد، في سابقة تُظهر بوضوح الطابع الكيدي للمحاكمة، وتحويل حرية التعبير إلى تهمة يعاقب عليها القانون، في مخالفة فادحة للمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحمي الحق في حرية الرأي والتعبير.


    وشددت المنظمة على أن مجريات الجلسة، بما في ذلك أداء ممثل النيابة العامة، تعكس انحيازًا واضحًا وانعدام الحياد، مما يُقوض ثقة المجتمع في استقلال القضاء، ويكرّس استخدام المنظومة العدلية كأداة لتصفية الحسابات مع أصحاب الرأي المستقل.


    وبينت منظمة سام أن إحالة الصحفي المياحي إلى المحكمة الجزائية المتخصصة – وهي محكمة ذات طابع استثنائي لا تتوفر فيها الضمانات الأساسية للعدالة – يُعد خرقًا للمادة (10) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على حق كل فرد في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ونزيهة.


    تطالب منظمة سام السلطات المعنية بضرورة إسقاط التهم الموجهة إلى الصحفي محمد المياحي، والإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط، وضمان حقه في المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي، وتمكينه من الدفاع عن نفسه بحرية، بعيدًا عن أي ضغوط أو انتهاكات.


    وتدعو “سام” الهيئات الحقوقية المحلية والدولية، ونقابات الصحفيين، إلى متابعة مجريات المحاكمة عن كثب، والتدخل العاجل من أجل وقف الانتهاكات الجسيمة التي تطال حرية الصحافة في اليمن، مشددة على أن الحق في التعبير لا ينبغي أن يتحول إلى مبرر للزج بالصحفيين في السجون، أو لوصمهم بتهديد الدولة واستقرارها.

    قد يعجبك ايضا!