مجدي محروس-خاص
في أول تصريح له عقب عودته إلى عدن بعد تعيينه رئيساً للوزراء قال سالم بن بريك ، مخاطباً اليمنيين : "نعاهدكم أن نكون حكومة صادقة مع شعبها، لا تبيع الأوهام، ولا تعد بما لا تستطيع، لكنها تجتهد بكل إخلاص، وتصارح الناس بما تواجهه من تحديات، وتعمل بشفافية وجدية".
لم نعهد سماع خطابات أو تصريحات لمسؤول في الدولة طيلة الفترة الماضية بهذا الشكل من الوضوح والصراحة والمكاشفة .
اللغة المباشرة التي نسمعها هذه الأيام في تصريحات وخطابات السلطة الشرعية و مجلس القيادة الرئاسي تحمل الكثير من الدلالات والمعاني .
قبل أيام أطل علينا رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي من شاشة روسيا اليوم ليعبر عن صراحته ووضوحه ويكشف لنا ملابسات قضايا كثيرة ما عاد الشعب يجهلها .
وقبل أمس ظهر نائب رئيس المجلس الرئاسي ، قائد المقاومة الوطنية العميد طارق صالح في لقاء مع عدد من الاعلاميين مبشراً باستعداداته وجاهزيته لخوض معركة الخلاص عبر الحرب أو عبر جبهة الاسفلت .
و من خلال حديثه و بحكم بعض الرهانات والآمال التي علقت عليه كمنقذ ومخلص يبدو العميد طارق أكثر قادة الشرعية تكشفاً وانفضاحاً وخفة دم !
أحداث كثيرة ووقائع مؤلمة مرت على اليمنيين كان الناس خلالها يبحثون فقط عن تفسيرات و إجابات لتلك الأحداث دون جدوى .
ملفات ظلت ولا زالت عالقة ، وصفقات غامضة وتنازلات مشبوهة قدمتها الشرعية لصالح الحوثيين ومامن أحد يدري لماذا ولا كيف حدثت و لا من يقف وراءها ولا أحد من القادة يمتلك الشجاعة ليخبرهم بما حدث !
بلع قادة الشرعية ألسنتهم ولاذ الجميع منهم بالصمت و بقي الشعب على حاله ينتظر من يخبره بملابسات وخفايا ما يدور خلف الكواليس ولا أحد يفعل .
مر عام وعامان وأكثر والمجلس الرئاسي عاجز حتى عن إرسال رسائل طمأنة للمواطنين أو صياغة خطاب أو بيان واحد متماسك ومقنع يحافظ على ثقة اليمنيين ، نتيجة انشغالاتهم بالخلافات البينية والمناكفات الشخصية .
وبينما كان الشعب ينتظر منهم إعلان ساعة الصفر و سماع خطاب المدافع و لغة البنادق كان قادة المجلس الرئاسي يتنافسون على تضخيم الحوثي ونشر خطاب التهريج والتثبيط والهزيمة !
خطابات الزعماء والقادة السياسيين وتصريحاتهم ليست أراء شخصية ولا هي وجهات نظر بقدر ما هي خارطة طريق وطن ولسان حال دولة .
في اللحظات الحاسمة تحتاج الشعوب إلى خطابات مسؤولة ترفع معنوياتها ولغة تعلي من شأن البطولة والكفاح والنضال .
خلال الحرب العالمية الثانية، استخدم تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا عبارات لتعزيز المقاومة والشجاعة والكفاح بين الناس، حيث قال: «ليس لدي ما أقدمه سوى الدم والكدح والدموع والعرق».
تشرشل الذي اشتهر بخطاباته القوية وظف اللغة لتحفيز وصمود بريطانيا في وجه التحديات ونجحت كلماته المليئة بالقوة والتحدي والإصرار، في رفع معنويات الشعب البريطاني في أصعب الأوقات.
ولان السيف ينقص قدره إذا قيل أنه أمضى من العصا فإن تشرشل ينتقص قدره إذا قيل أن خطابه امضى من خطابات قادة المجلس الرئاسي .
يكتسب الخطاب السياسي قوته من قوة صاحبة ويكتسب القائد قوته ونفوذه وسطوته من قوة خطابه وحجته .مؤسف أن يتحول بعض قادة الشرعية اليوم سواء بقصد أو بدون قصد إلى توجيه معنوي لصالح الحوثيين .وعليه إما أننا رفعنا سقف أحلامنا وبالغنا كثيراً في التعويل والرهان على هذه القيادات أم أنهم قد استنفدوا طاقتهم وجهدهم وبالتالي لا يكلف الله نفساً إلا وسعها .