مجدي محروس-متابعات
"خلاص انتهى الامر ، سوف أعمل جَهدي" بهذه الجملة أنهى الشهيد صالح حنتوس حواره الأخير مع بعض قادة المليشيات وقواديها في محافظة ريمة قبل أن يبدأ معهم حوار البندقية.
وجهد حنتوس وفق الحسابات المادية لا يكاد يذكر أمام أسلحة وجحافل وحشود وآليات المليشيات التي تداعت حول منزله من كل حدب وصوب.غير أنه بالمعنى النضالي والقيمة المعنوية يبقى جهداً جباراً وموقفاً جريئاً و عملاً بطولياً ملهماً لكل الأحرار في اليمن.
لم يكن اختيار حنتوس للمواجهة والتصدي والمقاومة عملية انتحارية كما راح البعض يصورها بقدر ما كان موقفاً شجاعاً يعكس طبيعة الروح اليمنية وينتصر لكرامة وكبرياء اليمني.
ذهب حنتوس نحو المواجهة باعتبارها الخيار الأنسب والأليق والمتسق مع مبادئه و فكره وتربيته وثقافته وباعتبارها أيضاً سبيل الخلاص الوحيد لليمنيين.
ومن يعرف الرجل يدرك تماماً أن الخاتمة التي نالها تشبهه إلى حد كبير وأن النهاية التي توج بها مشواره النضالي تليق به وتتناسب وطبيعة نضاله.
ما كان لشيخ مثله تربى على قيم الجهاد والكرامة والفداء والتضحية منذ نعومة أظافره وربى عليها طلابه وتلاميذه أن يموت موتاً عادياً كما يموت الكثير من الناس العاديين.
لم يمنعه كبر سنة من أن يحمل بندقيته ويخوض بها مواجهة شرسة استمرت لعدة ساعات مع الحملة الامنية الحوثية المجهزة بكافة انواع الأسلحة.لم يجد لنفسه عذراً ولم يلتمس لها تبريرات تثنيها عن الاقدام على خوض البطولة ولم يبحث له عن مخرج شرعي أو فتوى تعفيه من المواجهة للطغيان والعدوان الحوثي.
لقد صنع مجده بنفسه وأعلن ببندقيته حرب الكرامة و منها أطلق رصاصته الأخيرة على المليشيات دون انتظار توجيهات رجال السياسة أو خطط جنرالات الحرب.وتفضيل المواجهة على الاستسلام لعصابات الاجرام وادوات القهر والإذلال هو منطق العقل ولسان الحكمة و عين الصواب وحسن التدبير.
بموقفه الشجاع دمر الرجل السبعيني الصورة الذهنية التي بناها الحوثيون عن أنفسهم طيلة الفترة الماضية وراكمتها المسيرة خلال السنوات الأخيرة باستعراضاتها الصوتية.
لقد كسر الشيخ الكهل بجهده الشامخ وجهاده الشاهق غرور القوة الحوثية التي سوقتها الاحداث الدولية وحرب غزة على وجه الخصوص ولمعتها وسائل الدعاية الغربية.وبفدائيته وصلابته أظهر حنتوس هشاشة وضعف الحوثيين وجبنهم على أن القوي لا يحتاج إلى حشد كل تلك الاليات و القوات لمواجهة شيخ أعزل مع زوجته.
لقد أحرج بن ريمة الجميع بما صنع ووضع الكل أمام مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية وهو يقدم الحوثيين على حقيقتهم ويكشف للمخدوعين بهم من العرب والفلسطينيين تناقضاتهم واستثماراتهم الخاسرة في القضية الفلسطينية.و في الوقت ذاته مثل الموقف البطولي الذي اجترحه الرجل السبعيني ببندقيته وسلاحه الشخصي ووقوفه في وجه آلة الموت الحوثية وماكنة الدمار الايرانية إحراجاً كبيراً لكل الأطراف المناهضة للحوثيين.
وعبر بندقيته قدم حنتوس للشرعية والاطراف المناهضة للحوثي خارطة الطريق وخطة الخلاص وبرنامج الانقاذ الوطني.قالت بندقية حنتوس إن هزيمة الحوثيين ممكنة وأن الأمر لا يحتاج إلى أسلحة نوعية بقدر حاجته لقرار وطني شجاع وإرادة يمنية خالصة والحق ما قالته البندقية.
نقلاً عن المصدر أونلاين