اب بوست-خاص
تتعرض أراضي الأوقاف بمحافظة إب لعمليات نهب وسطو من قبل قيادات في مليشيا الحوثي، مستغلين بذلك ارتفاع قيمة وكلفة الأراضي بالمحافظة، التي تعد الأراضي فيها الأغلى من بين كل المدن اليمنية.
فمنذ سيطرتها على المحافظة في أكتوبر 2014، سطت مليشيا الحوثي على أراض وعقارات وممتلكات الدولة والمواطنين، في مختلف مديريات المحافظة، وعلى رأس الأراضي التي تم السطو عليها، تلك التابعة للأوقاف.
مؤخرًا، قامت قيادات في مليشيا الحوثي بالسطو على أراضي خاصة بالأوقاف في مديرية جبلة، جنوب غربي مدينة إب، حيث شرعت قيادات حوثية وبمعية عناصر مسلحة تابعة لها، في عملية السطو بقوة السلاح على أراضي الوقف المسمّاه "مخاريف القرامعة" بمنطقة "القرامعة، بمديرية جبلة.
يأتي هذا بالتزامن مع مساعٍ لقيادات عليا في المليشيا بينها القيادي "عبد المجيد الحوثي" والقيادي "ناصر العرجلي" للسطو على أكثر من 7500 قصبة من أراضي الأوقاف في منطقة شعب المعرام بالعارضة العليا، بمديرية الظهار، شمال غرب مدينة إب.
نهب بحماية أمنية
تبقى مهمة الأجهزة الأمنية حماية المواطنين والأملاك العامة، ضد كل المعتدين والناهبين لحقوقهم؛ إلا في عهد مليشيا الحوثي فقد تحولت الأجهزة الخاضعة لسيطرتها إلى أداة لحماية هؤلاء المتنفذين، الذي يقومون بالسطو على أراضي المواطنين وأملاك الدولة بكل عنجهية وغرور.
فحسب شهود عيان، فإن قيادات حوثية يتزعمها القيادي "هاشم باعلوي" وآخر يدعى "أحمد علي الفقيه" وآخرين، قد استعانوا بعناصر حوثية مسلحة بعضها تعمل في إدارة أمن مديرية جبلة للسطو على أراضي الأوقاف، في منطقة القرامعة.
وأشاروا، إلى أن عناصر المليشيا أطلقت الرصاص على أسرة المواطن "عبدالله قاسم الضهابي" الذي هو مستأجر من مكتب الأوقاف، وتقوم بمطاردة أسرته وترهيبها لإجبارها على التنازل.
ورغم الشكاوى التي تقدم بها المستأجرلم يحرك مكتب الأوقاف أي ساكن، في حين تحولت العناصر الأمنية التابعة للحوثية إلى أداة لسلب حقوق المواطنين ونهب أراضيهم، بدلا من معاقبة النافذين وايقافهم عند حدهم.
لماذا الأوقاف؟
يتساءل الكثير عن سر استماتة مليشيا الحوثي للسيطرة على أموال وأراضي وعقارات الأوقاف في مختلف المحافظات اليمنية ومنها محافظة إب، بيد أن الاجابة على هذا يكمن في استخدام المليشيا هذه الأموال في حربها ضد اليمنيين، حيث باتت موردًا ماليًا هامًا لصالح المليشيا الانقلابية.
وفي هذا الصدد، كشف الباحث اليمني "عنتير الذيفاني"، عن استخدام مليشيا الحوثي الأوقاف لنشر مذهبهم الطائفي، وفي تغذية حروبهم وقتالهم لأبناء الشعب اليمني.
وأشار خلال الندوة التي نظمتها مؤسسة جذور للفكر والثقافة، ومنتدى وهج الجمهورية بمأرب، الخميس الماضي، بعنوان "الكهنوت والإقطاع.. دور الصوافي والأوقاف في إعادة إنتاج المشروع السلالي تاريخياً"، إلى الفترات التاريخية التي قام خلالها السلاليون بمصادرة وتأميم أموال الأوقاف بدءًا من عهد الرسي.
ولفت إلى أن عقلية الحوثي هي نفس عقلية الرسي والحمزة والمطهر وغيرهم من السلاليين في الاستحواذ على أموال وممتلكات الأوقاف.. مؤكدًا أن ممارسة نهب أموال اليمنيين وممتلكاتهم هي عقيدة عند السلاليين الحوثيين".
وكان وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد الشيخ حسن الشيخ، قد أكد الجمعة الماضية، أن ثلاثة أرباع صنعاء أوقاف؛ إلا انه تم تحريرها بالتحايل.. لافتا إلى "أن مليشيا الحوثي بدأت بنبش الماضي، وأظهروا بصائر قديمة، وحاليًا يجنون مليارات من الأوقاف، وكلها تذهب لصالحهم دون أن تذهب في أبوابها الصحيحة".
اختطاف الأمناء
وكانت مليشيا الحوثي قد اختطفت العشرات من "الأمناء الشرعيين" في محافظة إب، منتصف ديسمبر الماضي، وذلك في في ظل مساعي حثيثة لاستكمال حوثنة المنظومة القضائية وشرعنة عمليات نهب أراضي الأوقاف بالمحافظة.
وأكد مراقبون، أن حملة الاختطافات الحوثية تزامنت مع ارتفاع وتيرة عمليات النهب الواسعة لأراضي الأوقاف والأملاك العامة من قبل قيادات نافذة داخل المليشيا الحوثية، تهدف إلى شرعنة تلك العمليات عبر الأمناء الموالين لها.
وكان العشرات من أبناء محافظة إب، قد نظموا وقفة احتجاجية في نوفمبر الماضي، امام مكتب هيئة الأوقاف (المستحدث) بخط الثلاثين غرب إب؛ للتنديد بالنهب المنظم لأراضي الأوقاف، والاعتداءات التي تطالها من قبل نافذين وقيادت في مليشيا الحوثي.
ونفذ المواطنون، وقفة احتجاجية، أمام المكتب، ورفعوا لافتات تندد بنهب أراضي الأوقاف بالمحافظة، مطالبين الجهات المختصة بحماية ممتلكات الأوقاف والتصدي للمعتدين عليها، وذلك بالتزامن مع عمليات نهب واسعة لأراضي الأوقاف وأملاك الدولة في إب، من قبل قيادات حوثية قادمة من محافظات شمال الشمال، وبتسهيلات من قيادات محلية موالية لها.
تلاعب حوثي بوثائق الأوقاف
وفي وقت سابق، زعمت مليشيا الحوثي استعادة اصول عقارية في المحافظة بأكثر من 19 مليار ريال غالبيتها في الأوقاف، بالمقابل نفى مصدر في مكتب أوقاف إب هذه المزاعم، مؤكدًا أن ما تمّ لم يعدو مصادرة أراضٍ وأصول عقارية كانت مؤجرة لدى مواطنين بسطاء، وتسليمها لقيادات حوثية وأسر سلالية.
وكانت لجان حوثية مشتركة من إب وصنعاء، قد عملت خلال الفترة الماضية على إجبار عشرات المزارعين والمستأجرين في إب بتسليم ما تحتهم من أراض وعقارات؛ بعد أن رفعت الايجارات، وطالبتهم بدفع مبالغ إيجارة لعشرات السنين، بعد استيلائهم على أرشيف الأوقاف.
واستغلت مليشيا الحوثي عدم امتلاك الكثير من المواطنين على عقود إيجار من الأوقاف، للسطو على أراضيهم، حيث كان يتم في السابق تنازل من المستأجر السابق، وفق ما هو متعارف عليه منذ عشرات السنين، الأمر الذي دفع المليشيا للقيام بعملية النهب المنظم للأوقاف في إب، والتلاعب بوثائقها لصالح قيادات حوثية وأسر متنفذة في المحافظة.
يشار إلى أن مليشيا الحوثي كانت قد صادرت مشروع سكني خاص بالأوقاف، وقامت بتمليكه لعدد من قياداتها الميدانية في المحافظة، إذ قامت مطلع نوفمبر 2020 بتحويل المشروع السكني الواقع في منطقة "نجد العنصر" غرب مدينة إب، إلى مشروع تابع لها.
حيث قامت المليشيا باستكمال تشطيب المشروع السكني من أموال الأوقاف، بعد تدشين العمل فيه قبل 15 عامًا، قبل أن يتوقف لأسباب غير معلومة، وقامت بعد استكمال تشطيبه بتمليكه للقيادات الحوثية التي كانت تسكن في "منتجع حراثة"، الذي جرى تسليمه هو الأخر لشركة حوثية وهمية بهدف الاستثمار.
نهب حوثي وتحذير حكومي
ومع استمرار النهب الحوثي المنظم لأراضي وممتلكات وعقارات الأوقاف، حذرت وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية، مليشيا الحوثي من المساس بأراضي وممتلكات الأوقاف التي تقع تحت الولاية العامة والاعتداء عليها، معتبرة التصرف فيه خارج مكاتبها في حُكم المُغتصب.
واعتبرت الوزارة في قرار وزاري أن "من قام بوضع اليد على أموال وعقارات الأوقاف العامة عن طريق أية جهة غير فروع وزارة الأوقاف في المحافظات، -سواء كان في مناطق سيطرة الحوثيين أو المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية- في حكم المغتصب للوقف، ويحال للنيابة العامة وفقا للقانون".
كما نص القرار على تجريم أي تصرف بأي نوع من أنواع التصرف سواء بالإيجار أو البيع أو المناقلة إلا بقرار من وزير الأوقاف والإرشاد، وفي التصرفات النافعة حفاظًا على أموال الوقف، كما اعتبر أي تصرف في أموال الأوقاف في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية والتي أبرمت من تاريخ 21 سبتمبر 2014م وما بعده باطلا وفي حكم المعدوم.
وكانت مليشيا الحوثي قد قامت في مارس 2021 بإلغاء وزارة الأوقاف، وتحويلها لوزارة الحج والعمرة، وانشاء هيئة جديدة (مستحدثة) تابعة لما يسمى برئاسة الجمهورية، أسمتها الهيئة العامة للأوقاف؛ وذلك في إطار مساعيها الرامية للسيطرة على أموال الأوقاف التي تستخدمها في حربها ضد اليمنيين، ونشر مذهبها الطائفي.
ويكشف السباق المحموم لمليشيا الحوثي حول السيطرة على أموال الأوقاف، باعتبارها باتت موردًا جديدًا ومهمًا لمليشيا الحوثي في مناطق سيطرها، حيث قامت بإنشاء مؤسسات وشركات خاصة بها تعمل في مجال العقارات، تقوم بنقل ملكيتها لصالح قيادات ومشرفين وموالين لها، وباتت هذه الأراضي والعقارات بمثابة الغنيمة التي استفردت بها مليشيا الحوثي، وحولتها إلى نقمة على رؤوس المواطنين في مناطق سيطرتها.