اب بوست-خاص
تقرير خاص
حصد أبناء محافظة إب، النصيب الأكبر من الفائزين باللوتري الأمريكي للعام الجاري 2023، ليكرس تربع أبناء المحافظة على عرش قائمة اليمنيين المهاجرين أو الراغبين في الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
أكثر من خمسة ملايين يمني هم إجمالي عدد المسجلين في مسابقة "اللوتري" أو "اليانصيب" أو ما تعرف بتأشيرة الهجرة التعددية التي تطرحها الولايات المتحدة الأمريكية سنويًا، بهدف تنويع السكان المهاجرين فيها.
وحسب احصائيات "غير رسمية" فقد فاز قرابة 2800 يمني بهذه المسابقة لهذا العام، غالبيتهم من أبناء محافظة إب، والتي كشفت عن مدى توجه أغلب سكان المحافظة للهجرة خارج حدود البلاد، لأسباب متنوعة.
قبل الحديث عن هذه الأسباب سنحاول أولا، تسليط الضوء على هذه المسابقة التي تعرف باسم "اللوتري" أو "اليانصيب"، أو "هجرة التعدد"، ومتى بدأت وما أهميتها، ثم سنعرج لمعرفة احصائيات المهاجرين من أبناء إب في أمريكا على وجه الخصوص وأسباب تلك الهجرة وآثارها.
هجرة التعدد أو التنوع
تأسست تأشيرة الهجرة التعددية (DV) "اللوتري"، بموجب قانون الهجرة للعام 1990 حيث تطرح 55 ألف تأشيرة هجرة في القرعة السنوية، ابتداء من السنة المالية 1995، وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية.
تهدف هذه القرعة إلى تنويع السكان المهاجرين في الولايات المتحدة، من خلال اختيار أشخاص يأتي معظمهم من بلدان كانت معدلات الهجرة منها إلى الولايات المتحدة منخفضة في السنوات الخمس السابقة.
ويحصل الفائزون بهذه التأشيرات، برخصة الإقامة الدائمة والمعروفة باسم البطاقة الخضراء "جرين كارد" في الولايات المتحدة بتفويض من الكونغرس وتديره وزارة الخارجية الامريكية.
يستطيع الحاصلون على الجرين كارد السفر بحرية تامة من وإلى الولايات المتحدة لأنهم يعتبرون مثل المواطنين الدائمين على أرض الولايات المتحدة ويحق لهم بشكل قانوني العمل والاستفادة من خدمات الصحة والتعليم والضرائب والتقاعد والضمان الاجتماعي وغيرها من المساعدات.
وبعد ذلك يمكن لحاملي بطاقة الجرين كارد التقدم للحصول على الجنسية الأمريكية دون أن يفقدوا جنسيتهم الحاصلين عليها من بلدهم التي ولدوا فيها، وتعتبر بطاقات الجرين كارد سارية المفعول لمدة عشر سنوات ويمكن تجديدها بأجراءات بسيطة.
أبناء إب في أمريكا
تعد الهجرة اليمنية إلى الولايات المتحدة الامريكية خير شاهد على الحالة الفريدة للشخصية اليمنية المحبة للمغامرة والباحثة عن حياة افضل.
فعلى الرغم من بعد المسافة بين اليمن وامريكا وخطورة الطريق وصعوباتها، استطاع المهاجر اليمني أن يقهر الصعوبات ويصل إلى الولايات المتحدة الامريكية.
ولم يكتف اليمني بالوصول إلى أمريكا؛ بل حقق النجاح، وشجّع الاقارب والأصدقاء على الهجرة اليها، وتكاثرت أعدادهم حتى وصلت بحسب دراسات علمية إلى ربع مليون مهاجر تقريبًا.
وقد ساهم أبناء محافظة إب بدور كبير في حركة الهجرة اليمنية إلى الولايات المتحدة الامريكية منذ بدايتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، واستمرت مشاركتهم فيها حتى أصبحوا يمثلون الأغلبية وباتوا يشاركون في العملية السياسية ويؤثروا فيها.
وحسب دراسات جغرافية واجتماعية فقد بلغت نسبة المهاجرين اليمنيين من محافظة إب سنة 1979 نحو 79,4%، ما جعلها تحتكر 82 بالمائة من عدد المهاجرين اليمنيين في أمريكا، حتى وصفت الهجرة إلى أمريكا بالطابع المناطقي، إذ ان معظمهم ينحدرون من محافظة إب.
يشار إلى أن نسبة المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج بلغت حوالي 4,9% من إجمالي سكان اليمن عام 2010 وفقا لاحصائية البنك الدولي 2011، وهي النسبة التي تعكس النمط الحياتي لليمنيين عبر التاريخ وميلهم للهجرة الخارجية منذ القدم.
أسباب الهجرة
لا شك أن هذه النسبة الكبيرة من المهاجرين من أبناء محافظة إب، يرجع لأسباب مختلفة، أولها ارتفاع عدد سكانها، ما جعلها مخزونًا بشريًا كان له نصيب كبيرة من الهجرة الى الخارج.
إضافة إلى عدم استقرار المحافظة، في أغلب سنوات القرن العشرين، وخصوصًا النصف الثاني منه، فبعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 وثورة أكتوبر 1963 تحولت المناطق الوسطى إلى ميدان للصراع، وتصفية الحسابات بين النظامين الحاكمين في شمال الوطن وجنوبه، ووصل الخراب إلى أغلب مناطق المحافظة، وانتشر الثأر في هذه المناطق، فكان البحث عن مهجر بعيد هو خير وسيلة للتخلص من مشاكل المحافظة حينها التي لا تنتهي.
ويعد العامل الاقتصادي، أحد الدوافع المهمة للهجرة، حيث شهد اليمن تدهورًا اقتصاديًا كبيرًا، مقابل ازدهار الأوضاع الاقتصادية في أمريكا وارتفاع مستوى الدخل، أفضل من غيرها من دول العالم، الأمر الذي شهد حالة من جذب المهاجرين اليمنيين، وخاصة بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الريال اليمني، إضافة الى توفر فرص العمل وتنوعها.
ومن أسباب الهجرة، دور المهاجرين السابقين في جذب وتشجيع الكثير من أبناء المحافظة بالهجرة إلى أمريكا، وخاصة الأقارب والاصدقاء الذين وجدوا في المهاجرين السابقين من يزيل عنهم الرهبة والخوف من المجهول؛ لأن هناك من سيستقبلهم ويقدم لهم العون وقت الحاجة.
وقد لوحظ ان المهاجرين يتركزون من مديريات بعينها مثل "بعدان والشعر" هؤلاء غالبا يشجع بعضهم بعضا على الهجرة، فعندما تكون الأخبار من الابن أو الصديق المهاجر سارة، تنشط حركة الهجرة فيهب الكثير من الافراد سعيا وراءها بدافع الشعور بالقرابة والصداقة.
وحسب دراسات أكاديمية فأن 94% من المهاجرين اليمنيين في امريكا قد هاجروا اليها بدعوة من الأقرباء والأصدقاء اثناء الزيارات التي يقوم بها المغتربون لليمن.
وكما أن للهجرة إيجابيات فلها آثار سلبية، وخاصة بعدما تحولت الهجرة إلى أمريكا لدى غالبية الراغبين بالسفر، إلى غاية وليست وسيلة لتحقيق فوائد متنوعة، وتوارث الأبناء ذلك الاعتقاد فأصبح تحقيق حلم الهجرة يسيطر على تفكيرهم فاهملوا الطموحات الاخرى التي كان يمكنهم الابداع فيها وخاصة في المجال العلمي، ولذا ينصح البحاثون بدراسة الظاهرة وعمل التوعية اللازمة لذلك.