سلمان المقرمي-خاص
دخل الإضراب الذي ينظمه المعلمون في صنعاء والمناطق التي تحتلها مليشيا الحوثي أسبوعه الثاني بنجاح بالغ، تجاوز وفق الأرقام التي أعلنها منظمو الإضراب 90% في أول أسابيعه.
بغض النظر عن الأعداد، فإن دخول المعلمين مجددا إلى ساحة النضال من أجل حقوقهم وكرامتهم، وكرامة ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المدرسين في معيشتهم، وملايين آخرين يعتمدون عليهم أيضا في بناء مستقبلهم، هو تطور حاسم.
كان للمعلمين في المناطق المحررة دور حاسم في المقاومة العسكرية ضد مليشيا الحوثي في المناطق المحررة، وهم الذين شكلوا الكتلة الصلبة في جميع التشكيلات العسكرية التي قاومت الحوثي في كل المناطق المحررة.
باقتحام المعلمين معترك الصراع في صنعاء وفي أمانة العاصمة والمحافظات التي يسيطر عليها الحوثي، فإن ذلك يعني أن الحركة الطلابية والتعليمية بقيادة المدرسين قد بدأت جولة جديدة من الصراع، ولكن عبر الأدوات السلمية، وسيكون لها دورها المحوري وتأثيرها الحاسم في إحياء ملايين اليمنيين من الموت جوعا وظلما وفقرا وجهلا.
يبلغ عدد المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين في التربية والتعليم، والتعليم العالي والتعليم الفني أكثر من 200 ألف موظف تقريبا، تقف خلفهم أسرهم، أي أن أعداد الشريحة الاجتماعية التي يمثلونها تتجاوز الملايين.
وكان المعلمون هم الشريحة الأبرز من الطبقة الوسطى المعول عليها دوما، تقويض السلطات وإزاحة الظلم وبناء العدل والمستقبل المنشود وفق المنظومة الجمهورية والديمقراطية، والإضراب هو أول الخطوات التي قام بها المعلمون بعد سنوات من الصبر والتحمل.
ورغم أن الإضراب ما زال في بدايته، وجهود التنسيق ما زالت تعتمد على لجان تحضيرية، فإن النجاح حقق أكثر من المطلوب حتى في المدارس التي زارتها قيادة المليشيا.
وتشير الأرقام التي نشرها منظمو الإضراب ونادي المعلمين إلى أن مدرسة مثل النهضة في أمانة العاصمة، لم يحضر من مدرسيها لاستقبال وزير التعليم الحوثي يحيى الحوثي سوى 10 معلمين أو أقل بينما يبلغ عدد المدرسين فيها قرابة 100 المدرس.
تكمن أهمية إضراب المدرسين، والمعلمين في كسر حاجز الخوف من مليشيا الحوثي وإجراءاتها القمعية، ولم يعد يخش أحد من الانتقام الحوثي، وهذا يدل أيضا على أن المليشيا لم تعد تتمتع بالهيبة التي كانت تصور نفسها بها، وأنها فقدت قدرتها على ترهيب المدرسين، كما أن كل منظومتها الدعائية والعقائدية قد فشلت.
يأتي الإضراب الناجح للمعلمين بين فعاليتين حوثيتين بارزتين تستند عليهما الإمامة الجارودية البغيضة في تثبيت شرعية وجودها، وهي فعالية الغدير وعاشوراء، وأن ينجح الإضراب بالتزامن مع هذه الفعاليات، يعني أن المجتمع لم يعد حتى يسمع أو يأبه لمليشيا الحوثي أو يقيم لها وزنا، كما أنه رد شعبي عارم على الاستعراضات التي تزعم مليشيا الحوثي أنها تمثل شعبيتها.
بصمود الإضراب، في أول أيامه، انتزع المعلمون حافزا شهريا أقرته المليشيا لهم بديلا عن مرتبهم مقداره ثلاثين ألف ريال أي ما يعادل50 دولارا، في محاولة يائسة من المليشيا لعرقلة الإضراب، دون جدوى. أكثر من ذلك سارع مجلس نواب الحوثي لاستدعاء الحكومة الحوثية في أول أيام الأسبوع الثاني من الإضراب، لاحتواء الإضراب، بينما تعهد رئيس الحكومة الحوثية غير المعترف بها، بأن يشهد التعليم هذه السنة تقدما نوعيا، واهتماما بهم. وسارع مهدي المشاط لأول مرة لما أسماه تدشين التعليم والاهتمام بالمعلم، ضمن حزمة من الخطوات الحوثية الباهتة التي لم تؤد إلا لزيادة الإضراب وتماسك المعلمين.
يتوقع كثيرون أن يستمر الإضراب حتى تحقيق مطالبه، التي أولها المرتبات، والانتظام في صرفها، ثم بقية المستحقات، وستصل حتما إلى ردع التدخل الحوثي في التعليم، وبدء مقاومة مضادة للمحاولة الحوثية إنشاء جيل متحوث وشيعي، يقبل بالإمامة.
إن الإضراب في حد ذاته، هو انتصار للكرامة والوجود والحياة ومستقبل الشعب اليمني، ويأتي الإضراب كدلالة بالغة على أن الجمهورية والديمقراطية هي حياة اليمنيين، وأملهم وطريقهم لتطورهم السياسي والاقتصادي والثقافي، وهو فعل مضاد يعني أن جميع المعلمين يرفضون مليشيا الحوثي بكل ألوانها وأشكالها.
المصدر: يمن شباب نت