اب بوست-خاص
منذ الوهلة الأولى لسيطرتها على محافظة إب، وسط اليمن، كانت "إذاعة إب" هي وجهة مليشيا الانقلاب الحوثية الأولى فبعد أن سطت عليها وحولتها إلى ثكنة عسكرية لعناصرها، عمدت إلى فرض سياستها على إدارتها بالإكراه تدريجياً إلى حين استغلاها وبشكل كلي في بث برامج مشروعها الإمامي السلالي لتتحول الإذاعة الوطنية إلى أداة ووسيلة إعلامية للمشروع الطائفي المدعوم إيرانياً.
على مدى تسع سنوات ومليشيا الحوثي في إب تبث عبر أثير إذاعة إب سموم أفكارها الخمينية المنحرفة ومشروعها الإمامي السلالي وتصدح من على استديوهاتها بصرخات الموت وشعارات الإجرام والفكر الإيراني الخميني المتطرف.
في هذا التقرير يسلط "إب بوست" الضوء على ما آلت إليه إذاعة إب في ظل هيمنة واستحواذ مليشيا الحوثي عليها وتسخيرها لنشر مشروعها السلالي وأفكارهم الطائفية المقيتة.
"بوق طائفي"
وللوقوف على هذا الواقع البائس التقى "إب بوست"، الأستاذ صلاح القادري مدير عام الإذاعة حتى سيطرة مليشيا الحوثي عليها، الذي أكد أن إذاعة إب كانت منذ انطلاق بثها الإذاعي في العام 2007م تقدم دورا إذاعيا وإعلاميا وطنيا وتوعويا هادف ومفيد لأبناء محافظة إب حتى سيطرة مليشيات الانقلاب الحوثي على المحافظة.
وقال إن المليشيا في بادئ الأمر فرضت خارطة برامج إذاعية خاصة بمشروعها وعمدت على الغاء كل البرامج الاذاعية الدينية والوطنية التي يرون بأنها ضد فكرهم الطائفي والسلالي، وفي هذا السياق يؤكد القادري بأن رفضه لتلك الممارسات الحوثية عليه حينها كانت أحد أسباب ماتعرض له من قبل المليشيات الحوثية من استهدافه شخصياً ومحاولة قتله واحراق سيارته وتفجير منزله.
ويشير القادري إلى أن الاذاعة حالياً تمر بأسوأ المراحل التي مرت بها منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية والسيطرة عليها فقد حولتها الميليشيا إلى بوق من أبواقهم في المدينة.
وأضاف: "الاذاعة التي كانت تعمل من أجل محافظة إب وصوتها المعبر عن هموم أبنائها وايجاد الحلول البناءة التي تخدم المحافظة، حولها الحوثيون إلى مقيل ومقر يكتظ بالمسلحين في استديوهاتها ومكاتبها الإدارية وتحولت إلى شبه لوكندة ناهيك عن تحويل برامجها الى برامج تمجيد سيدهم عبر زوامل الموت التي يعملوا على بثها على مدار الساعة والتي تعزز من الفرقة بين أبناء المحافظة.
وعبر "القادري" عن أسفه لما وصل إليه حال اذاعة اب خصوصا أن الحوثيين سطوا على كل مخصصاتها لجيوبهم الخاصة وحرموا الموظفين من مستحقاتهم وحقوقهم.
وكشف القادري، عن مساعٍ يقوم بها حاليا لدى وزارة الاعلام للتوجيه بتوفير الامكانيات والتسهيلات في إعادة بث اذاعة إب من محافظة تعز أو محافظة مأرب من أجل ايصال صوتها من جديد للمواطن اليمني الذي أصبح اليوم في أشد الحاجة لها لدعم موقفه الرافض لتواجد الميليشيا حتى استعادة الإذاعة من الانقلابين وإعادة الوضع الذي يأمل به الجميع بعيدا عن منطق الغلبة والقوة التي تمارسها سلطة الانقلاب الحوثي حسب قوله.
عناصر حوثية تدير الإذاعة
وأكد القادري أن المليشيا تدير الإذاعة حالياً بعناصر مسلحة لا تفقه في العمل الإعلامي شيء وليس لهم أي صلة بالإعلام سوى أنهم عصابة تتقن الترهيب والاكراه والتخوين على العاملين بالإذاعة.
ولفت إلى أن العناصر الحوثية ترفع السلاح أمام وجوه العاملين في حال رفضهم لبث ما تريد تلك المليشيا على الهواء وبأن تلك العناصر الحوثية المتواجدة في مبني اذاعة إب على الدوام عادة ما تصف الموظفين الوطنيين في الإذاعة بالدواعش وتهددهم بالتصفية وهذه هي إحدى طرق ارغام الموظفين للعمل لصالح مشروعها، حد وصفه.
يُشار إلى أن المليشيا كانت ومع بداية سيطرتها على الإذاعة قامت بتعيين المتحوث عبدالفتاح المنتصر مديرا عاما للإذاعة، وهو شخص لا علاقة له بالعمل الاذاعي والاعلامي سوى أنه كان يعمل مصوراً لقناة الساحات التابعة لمليشيا الحوثي الامر الذي أوصل الإذاعة إلى الحضيض، قبل أن تقوم مؤخرا بتعيين أحد موظفي الإذاعة مديراً صورياً للإذاعة فيما توكل إدارتها الفعلية لعناصر تابعة لها.
ووفقاً لعاملين في الإذاعة فإن عناصر المليشيا في الإذاعة يتحكمون بكل صغيرة وكبيرة وأن المدير الحالي واجهة شكلية فقط.
خارطة برامج طائفية
يؤكد اعلاميون وناشطون لـ "إب بوست" بأن الخطر الحقيقي من استحواذ مليشيات الحوثي علي إذاعة إب وسيطرتها عليها منذ تسع سنوات هو تغيير الخارطة البرامجية المعتمدة وفق معايير دينية ووطنية ومجتمعية هادفة وبناءة بخارطة برامج حوثية سلالية منحرفة تقوم على الفكر الخميني الايراني وخطاب الكراهية والعنصرية والسلالية البائدة.
وأوضحوا أن البرامج الإذاعية المعمول بها حاليا تروّج لحق الوصاية والولاية والسلالية التي رفضها اليمنيون وضحوا في سبيل ذلك الكثير من التضحيات، علاوة على البرامج التي لاتخلو من ثقافة الكراهية وتفكيك المجتمع اليمني وبث روح الفرقة بين أبناء الشعب.
وأشاروا إلى أن المليشيا عمدت عبر برامج إذاعة إب إلى التغرير على كثير من الشباب وساقتهم لمحرقة الموت في الجبهات، مؤكدين أن المليشيا وفي هذا السياق قامت بتغيير هدف وغاية البرنامج الاذاعي المسمى "إذاعة طابور الصباح" الذي كانت قد خصصته الإذاعة سابقا قبل استحواذ الحوثيين عليها لطلاب المدارس لتفعيل وتحفيز الأنشطة الرياضية والمسابقات العلمية وتنمية وإبراز مواهب الطلاب.
ولفتوا إلى أن المليشيا غيرت البرنامج لتفخيخ عقول النشء وطلبة المدارس من خلال نشر وتعبئة عقولهم بالمفاهيم والمعتقدات المغلوطة تحت مسميات الجهاد ومحاربة أعداء الله مما أسهم كثيراً في ترك كثير من الأطفال لمدارسهم والتوجه إلى جبهات القتال.
إعلانات بالقوة
عقب سيطرة المليشيا الحوثية على الإذاعة أوقف القطاع الخاص إعلاناته في الإذاعة التي كانت تشكل إيراداتها نحو نصف إيرادات الإذاعة، وذلك بسبب غياب المهنية في العمل الاذاعي وانعدام الخارطة البرامجية الهادفة.
ونتيجة لذلك نفذت المليشيا حملات ميدانية على مؤسسات القطاع الخاص وأجبرتهم على الإعلان في الإذاعة تحت الترهيب واتهمت الممتنعين منهم بالتبعية لما تسميه "العدوان والدواعش".
وقال موظفون في الإذاعة، إن تلك الإيرادات التي تجبيها المليشيا من المعلنين تذهب لصالح العناصر الحوثية ولا يستفيد منها الموظفون والمتعاقدون الذين يعيشون ظروفاً معيشية صعبة في ظل انقطاع المرتبات للمثبتين في الاذاعة منذ عدة سنوات الامر الذي دفع بالبعض منهم إلى ترك العمل بالإذاعة والبحث عن مصدر دخل آخر.
دعوات للمقاطعة
وفي مواجهة الخطاب التعبوي الطائفي للمليشيا برزت دعوات على مواقع التواصل لمقاطعة الاستماع إلى برامج الإذاعة كنوع من المقاومة المجتمعية.
وأكد ناشطون ومختصون إجتماعيون تحدثوا لـ "إب بوست"، على ضرورة توعية المجتمع بخطورة هذا الخطاب التعبوي، داعين إلى وجود حلول بديلة كإنشاء إذاعة في مناطق قريبة من المحافظة أو تقوية إرسال الإذاعات العاملة كالإذاعات العاملة في محافظة تعز.
وفي هذا السياق تصف الاستاذة "إبتسام علي" بأن البرامج الإذاعية التي تبث حالياً من إذاعة إب كلها زوامل وتمجيد وتطبيل لعبدالملك الحوثي وتخوين وتهديد ووعيد وشتيمه لكل يمني لايتفق مع مشروع الحوثي.
وتضيف بأن تسع سنوات من بث إذاعة إب لخطابات وبرامج وافكار الموت والدمار والعنصرية والسلالية تمثل "خطورة كبيرة ومحدقة على عقول وتوجه المجتمع خاصة النشء والشباب المتطلع والمندفع الذي يُعد لقمة صائغة للمشاريع الهدامة التي يبثها الحوثي تحت مسميات الدين والمسيرة القرانية والجهاد والوصاية والولاية".
ودعت الحكومة الشرعية إلى إنشاء إذاعة باسم إب وبثها من أي محافظة محررة قريبة لتقوم بدورها الاذاعي المضاد والمناهض لما تبثه إذاعة الحوثي في المحافظة.
وشددت الأستاذة "ابتسام" في نهاية حديثها على أن إنشاء إذاعة وطنية لإب، مسؤولية دينية ووطنية على السلطات الشرعية تجاه ابناء إب الذين يقومون بأدوار وطنية كبيرة في سبيل انهاء الانقلاب واستعادة الدولة.