سلمان المقرمي-متابعات
ارتفعت وتيرة الهجمات الحوثية المسلحة على مواقع القوات الحكومية في معظم الجبهات في مطلع يناير وأواخر ديسمبر الماضي مقارنة بالأشهر الماضية وفق بيانات رسمية للحكومة. في الأسبوع الماضي فقط شن الحوثي هجمات ومحاولات تسلل بأعداد كبيرة من عناصره الإرهابية إلى جبهات تعز والضالع وشبوة ومأرب والجوف، بالإضافة إلى هجمات على الحدود السعودية.
تتزامن الهجمات الحوثية على جبهات متعددة للحكومة، والحدود السعودية، مع هجماته البحرية على السفن، والرد الأمريكي الذي يقتصر فقط، على منصات إطلاق الصواريخ استباقيا، لتقليل قدراته الحربية، ويستغل الحوثي هذا الوضع ليثبت لأتباعه إنه حين يغزو المدن اليمنية أنه يغزو الولايات المتحدة.
تشير الهجمات الحوثية المكثفة على جبهات الداخل اليمني وحتى الحدود السعودية، وصولا إلى الهجمات البحرية إلى تغيير كبير في الأهداف الحوثية من المفاوضات الجارية منذ سنتين مع السعودية، والأمم المتحدة، بهدف انتزاع ما كان من قبل غير ممكنا من الامتيازات التي يسعى إليها عبر المفاوضات.
بعد سلسلة من القصف الصاروخي الحوثي البحري على السفن، بصواريخ لا تؤثر على أي سفينة، ولا تعطل ولا تخرج أي منها عن الخدمة، وقصف أمريكي محدود عليه، لا يؤثر أيضا على قدراته البحرية والصاروخية ولا مكانته في السياسة الخارجية الأمريكية كقوة مهمة لخدمة المصالح الأمريكية، بدأ الحوثي يشرع في نيل ما يعتقد أنه استحقاقات واجبة له مقابل هجماته البحرية.
كان من المفترض التوقيع على خريطة طريق وخطة تمدد الهدنة رسميا، وتشرع في سلسلة من الإجراءات الاقتصادية التي حصل عليها الحوثي بغير وجه حق من التحالف والحكومة، لكن هجماته البحرية ومن خلفه إيران التي تمده بكل الأسلحة والبيانات عن السفن، ويعمل فريق من حرسها الثوري ومن حزب الله على الهجمات البحرية، رأوا أن المكاسب التي يجب أن يحصل عليها الحوثي على المستوى المحلي أكبر من تلك التي حصلوا عليها قبل هجماتهم البحرية، واضطروا في هذا السياق لشن هجومات متعددة على عدة جبهات بفترات زمنية متقاربة لإثبات مطامحهم واستحقاقهم للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الموارد المحلية، وما يشمله ذلك من نفوذ عسكري وأمني واجتماعي وثقافي. أما في مناطق سيطرته فقد بدأ فعلا في انتزاع المطالب الجديدة عبر الاعتقالات والخطف لعشرات السكان، وتنفيذ سلسلة من الإعدامات تحت التعذيب بسرعة رهيبة لم تحدث من قبل بمعدل قتل شخص كل أسبوعين في السجن، منذ نهاية أكتوبر، وآخرها الإعلان عن موعد إعدام إحدى الناشطات المخطوفات في سجونه كانت تعمل في المجال الحقوقي.
المطامح الحوثية نتيجة لهجماتهم، أثرت على خطة خريطة الطريق التي تحولت إلى مفاوضات من أجل الاتفاق وليس خطة مزمنة وموقع عليها، وفق الإعلان الصادر عن المبعوث الأممي إلى اليمن هانز غروندبيرغ أواخر ديسمبر الماضي. واعتبر غروندبيرغ في بيان له الأسبوع الماضي أن الهجمات الحوثية أثرت على خريطة الطريق، ومسار بناء السلام في اليمن، برعاية الأمم المتحدة.
ولم يذكر غروندبيرغ ماهية وطبيعة التأثير وحدوده لتلك الهجمات، لكن بيانه لا يخفى على أي متابع بأن ذلك يعني أن الحوثي صار يبحث عن استحقاقات ومطالب إضافية من التنازلات غير العادلة من الحكومة والتحالف، مستغلا حاجة السعودية إلى وقف الحرب، وضعف الحكومة الشرعية، وتباين تياراتها، والأكثر من ذلك، أكدت طبيعة الردود الأمريكية على الهجمات البحرية الحوثية الإيرانية بأنها ستمر بثمن محدود في البحر وليس في اليمن، ويفهم الحوثي جيدا معنى التصريحات الأمريكية بأن واشنطن ليست عدوة للحوثي ولا ترغب بصراع معه، وأنها لا تهدف لتقويض قدراته على السيطرة في اليمن، ولا تريد التأثير على عملية السلام والمفاوضات في اليمن. هذه التصريحات ينظر لها الحوثي على أنها مقدمة أيضا للاعتراف بدور ليس محليا في اليمن فقط، بل إقليميا.
المصدر: يمن شباب نت